بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٠
حانت ولادتها (1) قالت: يا آزر إني قد اعتللت وأريد أن أعتزل عنك، وكان في ذلك الزمان المرأة إذا اعتلت اعتزلت عن زوجها، فخرجت واعتزلت في غار ووضعت بإبراهيم عليه السلام وهيأته وقمطته (2) ورجعت إلى منزلها وسدت باب الغار بالحجارة، فأجرى الله لإبراهيم عليه السلام لبنا من إبهامه وكانت تأتيه أمه ووكل نمرود بكل امرأة حامل، فكان يذبح كل ولد ذكر، فهربت أم إبراهيم بإبراهيم من الذبح، وكان يشب إبراهيم عليه السلام في الغار يوما كما يشب غيره في الشهر حتى أتى له في الغار ثلاث عشرة سنة، فلما كان بعد ذلك زارته أمه فلما أرادت أن تفارقه تشبث بها فقال: يا أمي أخرجيني، فقالت له:
يا بني إن الملك إن علم أنك ولدت في هذا الزمان قتلك، فلما خرجت أمه خرج من الغار وقد غابت الشمس نظر إلى الزهرة في السماء فقال: " هذا ربي " فلما غابت الزهرة فقال:
لو كان هذا ربي ما تحرك ولا برح، ثم قال: لا أحب الآفلين " والآفل: الغائب. فلما نظر إلى المشرق رأى وقد طلع القمر قال: " هذا ربي هذا أكبر وأحسن فلما تحرك وزال قال: " لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين " فلما أصبح وطلعت الشمس ورأي ضوءها وقد أضاءت الشمس الدنيا (3) لطلوعها قال: " هذا ربي هذا أكبر " وأحسن فلما تحركت وزالت كشط الله (4) عن السماوات حتى رأى العرش ومن عليه وأراه الله ملكوت السماوات والأرض، فعند ذلك قال: " يا قوم إني برئ مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين " فجاء إلى أمه وأدخلته دارها وجعلته بين أولادها. (5) وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول إبراهيم: " هذا ربي " لغير الله هل أشرك (6) في قوله: " هذا ربي "؟ فقال: من قال هذا اليوم فهو مشرك، ولم يكن من إبراهيم شرك،

(1) أي قرب وقتها.
(2) القمط: خرقة عريضة تلف على الصغير إذا شد في المهد.
(3) في المصدر: وقد أضاءت الدنيا. م (4) في المصدر: كشف الله. م (5) تفسير القمي: 194 - 195. م (6) في المصدر: عن قول إبراهيم: هذا ربى أشرك اه‍. م
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست