الملك قال: كيف أرجو كرامته وقد عرف براءتي وحبسني سنين؟! فلما سمع الملك أرسل إلى النسوة فقال: ما خطبكن؟ فقلن: حاش لله ما علمنا عليه من سوء، فأرسل إليه وأخرجه من السجن، فلما كلمه أعجبه كما له وعقله، فقال له: أقصص رؤياي فإني أريد أن أسمعها منك، فذكره يوسف كما رأى وفسره، قال الملك: صدقت، فمن لي بجمع ذلك وحفظه؟
فقال يوسف: إن الله تعالى أوحى إلي أني مدبره والقيم به في تلك السنين، فقال له الملك:
صدقت دونك خاتمي (1) وسريري وتاجي، فأقبل يوسف على جمع الطعام في السنين السبع الخصيبة يكبسه في الخزائن في سنبله، ثم أقبلت السنون الجدبة أقبل (2) يوسف عليه السلام على بيع الطعام فباعهم في السنة الأولى بالدراهم والدنانير حتى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلا صار في مملكة يوسف عليه السلام وباعهم في السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق بمصر وما حولها حلي ولا جواهر إلا صار في مملكته، وباعهم في السنة الثالثة بالدواب والمواشي حتى لم يبق بمصر وما حولها دابة ولا ماشية إلا صارت في مملكة يوسف، وباعهم في السنة الرابعة بالعبيد والإماء حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا أمة إلا صارت في مملكة يوسف، وباعهم في السنة الخامسة بالدور والعقار حتى لم يبق بمصر وما حولها دار ولا عقار إلا صار في مملكة يوسف، وباعهم في السنة السادسة بالمزارع والأنهار حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة إلا صار في مملكة يوسف عليه السلام وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حر إلا صار في مملكة يوسف وصاروا عبيدا له، فقال يوسف للملك: ما ترى فيما خولني ربي؟ قال: الرأي رأيك. قال: إني اشهد الله واشهد أيها الملك أني أعتقت أهل مصر كلهم، ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم، ورددت عليك خاتمك وسريرك وتاجك على أن لا تسير إلا بسيرتي، ولا تحكم إلا بحكمي، فالله أنجاهم علي، فقال الملك: إن ذلك لديني وفخري، (3) وأنا أشهد أن لا إله