بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ١٤٤
فهلكوا " مطرا " أي نوعا من المطر عجيبا، أي حجارة من سجيل; قيل: خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم. (1) وقال الطبرسي رحمه الله: " سئ بهم " أي ساءه مجيئهم لأنه خاف عليهم من قومه " وضاق بهم ذرعا " أي ضاق بمجيئهم ذرعه، أي قلبه، لما رأى لهم من حسن الصورة وقد دعوه إلى الضيافة، وقومه كانوا يسارعون إلى أمثالهم بالفاحشة; وقيل: ضاق بحفظهم من قومه ذرعه حيث لم يجد سبيلا إلى حفظهم وقد أتوه في صورة الغلمان المرد، وأصله أن الشئ إذا ضاق ذرعه لم يتسع له ما اتسع، فاستعير ضيق الذرع عند تعذر الامكان " يوم عصيب " أي شديد، من عصبه: إذا شده " يهرعون إليه " أي يسرعون في المشي لطلب الفاحشة; وقيل: أي يساقون وليس هناك سائق غيرهم، فكأن بعضهم يسوق بعضا " ومن قبل " أي قبل إتيان الملائكة، أو قبل مجئ قوم لوط إلى ضيفانه، أو قبل بعثة لوط إليهم " كانوا يعملون السيئات " أي الفواحش مع الذكور " ولا تخزون في ضيفي " أي لا تلزموني عارا و فضيحة ولا تخجلوني بالهجوم على أضيافي " أليس منكم رجل رشيد " قد أصاب الرشد فيعمل بالمعروف وينهى عن المنكر، أو مرشد يرشد كم إلى الحق " لو أن لي بكم قوة " أي منعة وقدرة وجماعة أتقوى بهم عليكم " أو آوي إلى ركن شديد " أي انضم إلى عشيرة منيعة; قال قتادة: ذكر لنا أن الله تعالى لم يبعث نبيا بعد لوط إلا في عز من عشيرته ومنعة من قومه " ولا يلتفت منكم أحد " أي لا ينظر أحد منكم وراءه أو لا يلتفت أحد منكم إلى ماله ولا متاعه بالمدينة، أولا يتخلف أحد، وقيل: أمرهم أن لا يلتفتوا إذا سمعوا الرجفة والهدة.
" إن امرأتك " قيل: إنها التفتت حين سمعت الرجفة وقالت: يا قوماه، فأصابها حجر فقتلتها; وقيل: إلا امرأتك لا تسر بها " عند ربك " أي في علمه أو خزائنة التي لا يتصرف فيها أحد إلا بأمره " وما هي من الظالمين ببعيد " أي وما تلك الحجارة من الظالمين من أمتك يا محمد ببعيد; وقيل: يعني بذلك قوم لوط وذكر أن حجرا بقي معلقا بين السماء والأرض أربعين يوما يتوقع به من رجل من قوم لوط كان في الحرم حتى خرج منه

(1) أنوار التنزيل 1: 168. م
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست