إنهم كانوا يقولون له: يا نوح صرت نجارا " بعد النبوة على طريق الاستهزاء، وقيل:
إنما كانوا يسخرون من عمل السفينة لأنه كان يعملها في البر على صفة من الطول والعرض ولا ماء هناك يحمل مثلها فكانوا يتضاحكون ويتعجبون من عملة " إن تسخروا منا " أي إن تستجهلونا في هذا الفعل فإنا نستجهلكم عند نزول العذاب بكم كما تستجهلونا، أو نجازيكم على سخريتكم عند الغرق، وأراد به تعذيب الله إياهم " فسوف تعلمون " أينا أحق بالسخرية، أو عاقبة سخريتكم " من يأتيه عذاب يخزيه " ابتداء كلام، و الأظهر أنه متصل بما قبله، أي فسوف تعلمون أينا يأتيه عذاب يهينه ويفضحه في الدنيا " ويحل عليه عذاب مقيم " أي دائم في الآخرة، قال الحسن: كان طول السفينة ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع، وقال قتادة: كان طولها ثلاث مائة ذراع وعرضها خمسين ذراعا "، وارتفاعها ثلاثين ذراعا "، وبابها في عرضها، وقال ابن عباس:
كانت ثلاث طبقات: طبقة للناس، وطبقة للانعام، وطبقة للهوام والوحش، وجعل أسفلها الوحوش والسباع والهوام، وأوسطها للدواب والأنعام، وركب هو ومن معه في الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد، وكانت من خشب الساج. (1) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لما فار التنور وكثر الماء في السكك خشيت أم صبي عليه وكانت تحبه حبا " شديدا " فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء عرجت به حتى بلغت ثلثيه، فلما بلغها الماء عرجت به حتى استوت على الجبل فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بيديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم الله منهم أحدا " لرحم أم الصبي.
وروى علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله هلاك قوم نوح عليه السلام عقم أرحام النساء أربعين سنة فلم يولد لهم مولود، فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة أمره الله تعالى أن ينادي بالسريانية أن يجتمع إليه جميع الحيوان، فلم يبق حيوان إلا وقد حضر فأدخل من كل جنس من أحناس الحيوان زوجين ما خلا الفأرة والسنور، وإنهم لما شكوا إليه سرقين الدواب والقذر دعا بالخنزير فمسح جبينه فعطس فسقط من أنفه زوج فأرة فتناسل، فلما كثروا وشكوا إليه منهم