أيها الخليفة عن فضلكم علينا في الدين فإنا جئنا نسأل عن ذلك فقال أبو بكر: نحن مؤمنون وأنتم كفار، والمؤمن خير من الكافر، والايمان خير من الكفر. فقال الجاثليق:
هذه دعوى يحتاج إلى حجة، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك؟ فقال أبو بكر أنا مؤمن عند نفسي ولا علم لي بما عند الله فقال الجاثليق: فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن أم أنا كافر عند الله؟ فقال: أنت عندي كافر، ولا علم لي بحالك عند الله.
فقال الجاثليق: فما أراك إلا شاكا في نفسك وفي، ولست على يقين من دينك فخبرني ألك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه من الدين تعرفها؟ فقال: لي منزلة من الجنة أعرفها بالوعد، ولا أعلم هل أصل إليها أم لا. فقال له: فترجو لي منزلة من الجنة؟ قال: أجل أرجو. ذلك فقال الجاثليق: فما أراك إلا راجيا لي وخائفا على نفسك، فما فضلك في العلم؟
ثم قال له: أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي المبعوث إليك؟ قال: لا، ولكني أعلم منه ما قضى لي علمه. (2) قال: فكيف صرت خليفة للنبي وأنت لا تحيط علما بما يحتاج إليه أمته من علمه؟ وكيف قد مك قومك على ذلك؟
فقال له عمر: كف أيها النصراني عن هذا العتب وإلا أبحنا دمك! فقال الجاثليق ما هذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا.
قال سلمان رحمة الله عليه: فكأنما ألبسنا جلباب المذلة فنهضت حتى أتيت عليا (عليه السلام) فأخبرته الخبر فأقبل - بأبي وأمي - حتى جلس والنصراني يقول: دلوني على من أسأله عما أحتاج. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): سل يا نصراني، فوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة لا تسألني عما مضى ولاما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد (صلى الله عليه وآله).
فقال النصراني: أسألك عما سألت عنه هذا الشيخ، خبرني أمؤمن أنت عند الله أم عند نفسك؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي.