فقال: هل رأيت رجلين من حالهما وصفتهما كيت وكيت؟ قلت: نعم وكرهت أن اخبره كما أخبرت أخاه فيقاتلني فقلت: هلم أريك أخويك، فانتهيت به إلى موضعهما فنظر إلى الأرض يخرج منها الدخان فقال: ما هذه؟ فأخبرته فقال: والله لئن أجابني أخواي بتصديقك لاتبعتك في دينك، ولئن كان غير ذلك لأقتلنك أو تقتلني فصاح به: يا دانيال أحق ما يقول هذا الرجل؟ قال: نعم يا هارون فصدقه فقال: أشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته وعبده ورسوله قلت: الحمد لله الذي هداك قال فإني أو أخيك في الله، (1) وإن لي أهلا وولدا وغنيمة، ولولاهم لسحت معك في الأرض ولكن مفارقتي عليهم شديدة، (2) وأرجو أن أكون في القيامة بهم مأجورا، ولعلي أنطلق فآتي بهم فأكون بالقرب معك، فانطلق فغاب عني ليلا (ليالي خ ل) ثم أتاني فهتف بي ليلة من الليالي، فإذا هو قد جاء و معه أهله وغنمه فضرب له خيمة ههنا بالقرب مني فلم أزل أنزل إليه في آناء الليل و أتعاهده والاقيه وكان أخ صدق في الله، (3) فقال لي ذات ليلة: يا هذا إني قرأت في التوراة، (4) فإذا هو صفة محمد النبي الأمي فقلت: وأنا قرأت صفته في التوراة والإنجيل فآمنت به، وعلمته به من الإنجيل، وأخبرته بصفته في الإنجيل، فآمنا أنا وهو وأحببناه و تمنينا لقاءه قال: فمكث كذلك زمانا وكان من أفضل ما رأيت، وكنت أستأنس إليه، وكان من فضله أنه يخرج بغنمه يرعاها فينزل بالمكان المجدب فيصير ما حوله أخضر من البقل، وكان إذا جاء المطر جمع غنمه فيصير حوله وحوله غنمه وخيمته مثل الإكليل من أثر المطر ولا يصيب خيمته ولا غنمه منه، فإذا كان الصيف كان على رأسه أينما توجه سحابة وكان بين الفضل، كثير الصوم والصلاة
(٦٦)