فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه وأتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو جالس في صحن داره مع الحسن والحسين (عليهما السلام) وقص عليه القصة، فقال علي (عليه السلام) فخرج ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام) حتى أتى المسجد، فلما رأى القوم عليا (عليه السلام) كبروا الله وحمدوا الله وقاموا إليه بأجمعهم، فدخل علي (عليه السلام) وجلس، فقال أبو بكر: أيها الراهب سائله (1) فإنه صاحبك وبغيتك.
فأقبل الراهب بوجهه إلى علي (عليه السلام) ثم قال: يا فتى ما اسمك؟ فقال: اسمي عند اليهود إليا، وعند النصارى إيليا، وعند والدي علي، وعند أمي حيدرة. فقال:
ما محلك من نبيكم؟ قال: أخي وصهري وابن عمي. (2) قال الراهب: أنت صاحبي ورب عيسى، أخبرني عن شئ ليس لله، ولا من عند الله، ولا يعلمه الله.
قال علي (عليه السلام): على الخبير سقطت، أما قولك: ما ليس لله فإن الله تعالى أحد ليس له صاحبة ولا ولد. وأما قولك: ولا من عند الله فليس من عند الله ظلم لاحد. وأما قولك: لا يعلمه الله لا يعلم له شريكا في الملك.
فقام الراهب وقطع زناره وأخذ رأسه وقبل ما بين عينيه، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله، وأشهد أنك الخليفة وأمين هذه الأمة، ومعدن الدين والحكمة، ومنبع عين الحجة لقد قرأت اسمك في التوراة إليا، وفي الا نجيل إيليا وفي القرآن عليا وفي الكتب السالفة حيدرة، ووجدتك بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وصيا، وللامارة وليا، وأنت أحق بهذا المجلس من غيرك، فأخبرني ما شأنك وشأن القوم؟ فأجابه بشئ، فقام الراهب وسلم المال إليه بأجمعه، فما برح علي (عليه السلام) من مكانه حتى فرقه في مساكين أهل المدينة ومحاويجهم، وانصرف الراهب إلى قومه مسلما. (3) بيان: قوله: (ذووا رتاج) قال الجوهري: ارتج على القارئ - على ما لم يسم فاعله -