بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٠٩
والفضة والرصاص وغيره مما يذاب " ابتغاء حلية " أي طلب زينة يتخذ منه كالذهب و الفضة " أو متاع " معناه: ابتغاء متاع ينتفع به، وهو مثل جواهر الأرض يتخذ منه الأواني وغيرها " زبد مثله " أي مثل زبد الماء، فإن هذه الأشياء التي تستخرج من المعادن توقد عليها النار ليتميز الخالص من الخبيث لها أيضا زبد وهو خبثها " كذلك يضرب الله الحق والباطل " أي مثل الحق والباطل " فأما الزبد فيذهب جفاء " أي باطلا متفرقا بحيث لا ينتفع به " وأما ما ينفع الناس " وهو الماء الصافي والأعيان التي ينتفع بها " فيمكث في الأرض " فينتفع به الناس، فمثل المؤمن واعتقاده كمثل هذا الماء المنتفع به في نبات الأرض وحياة كل شئ به، وكمثل نفع الفضة والذهب وسائر الأعيان المنتفع بها، ومثل الكافر وكفره كمثل هذا الزبد الذي يذهب جفاء، وكمثل خبث الحديد وما تخرجه النار من وسخ الذهب والفضة التي لا ينتفع به " كذلك يضرب الله الأمثال للناس " في أمر دينهم، قال قتادة: هذه ثلاثة أمثال ضربها الله تعالى في مثل واحد:
شبه نزول القرآن بالماء الذي ينزل من السماء، وشبه القلوب بالأودية والأنهار فمن استقصى في تدبره وتفكر في معانيه أخذ حظا عظيما منه، كالنهر الكبير الذي يأخذ الماء الكثير، ومن رضي بما أداه إلى التصديق بالحق على الجملة كان أقل حظا منه، كالنهر الصغير فهذا مثل.
ثم شبه الخطرات ووساوس الشيطان بالزبد يعلو على الماء، وذلك من خبث التربة لا من الماء، وكذا الله ما يقع في النفس من الشكوك فمن ذاتها لا من ذات الحق، يقول: فكما يذهب الزبد باطلا ويبقى صفوة الماء كذلك يذهب مخائل الشك باطلا ويبقى الحق فهذا مثل ثان، والمثل الثالث: قوله: " ومما توقدون عليه " فالكفر مثل هذا الخبث الذي لا ينتفع به، والايمان مثل الصافي الذي ينتفع به. (1) وفي قوله: " ولو أن قرآنا " جواب لو محذوف، أي لكان هذا القرآن، وقيل:
أي لما آمنوا " أفلم ييأس الذين آمنوا " أي أفلم يعلموا ويتبينوا، عن ابن عباس وغيره، وقيل: معناه: أولم يعلم الذين آمنوا علما يئسوا معه من أن يكون غير ما علموه؟

(1) مجمع البيان 6: 287.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست