بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٠٤
بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام: إني سألت ربي أن يواخي بيني وبينك ففعل، فسألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل، فقال بعض القوم: والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلينا مما سأل محمد ربه، فهلا سأله ملكا يعضده على عدوه؟ أو كنزا يستعين به على فاقته؟! فنزلت الآية " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك " وهو ما فيه سب آلهتهم فلا تبلغهم إياه خوفا منهم " وضائق به صدرك " أي ولعلك يضيق صدرك بما يقولون وبما يلحقك من أذاهم وتكذيبهم، وقيل:
باقتراحاتهم " أن يقولوا " أي كراهة أو مخافة أن يقولوا " لولا انزل عليه كنز " من المال " أو جاء معه ملك " يشهد له، وليس قوله: " فلعلك " على وجه الشك، بل المراد به النهي عن ترك أداء الرسالة والحث عليه كما يقول أحدنا لغيره وقد علم من حاله أنه يطيعه ولا يعصيه ويدعوه غيره إلى عصيانه: لعلك تترك بعض ما آمرك به لقول فلان، وإنما يقول ذلك ليؤنس من يدعوه إلى ترك أمره.
" قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات " أي إن كان هذا مفترى على الله كما زعمتم فأتوا بعشر سور مثله في النظم والفصاحة، مفتريات على زعمكم، فإن القرآن نزل بلغتكم، وقد نشأت أنا بين أظهركم، فإن لم يمكنكم ذلك فاعلموا أنه من عند الله، وهذا صريح في التحدي، وفيه دلالة على جهة إعجاز القرآن وأنها هي الفصاحة والبلاغة في هذا النظم المخصوص، لأنه لو كان جهة الاعجاز غير ذلك لما قنع في المعارضة بالافتراء والاختلاق، لان البلاغة ثلاث طبقات، فأعلى طبقاتها معجز، وأدناها و أوسطها ممكن، فالتحدي في الآية إنما وقع في الطبقة العلياء منها، ولو كان وجه الاعجاز الصرفة لكان الركيك من الكلام أبلغ في باب الاعجاز، والمثل المذكور في الآية لا يجوز أن يكون المراد به مثله في الجنس، لان مثله في الجنس يكون حكايته فلا يقع بها التحدي، وإنما يرجع ذلك إلى ما هو متعارف بين العرب في تحدي بعضهم بعضا كما اشتهر من مناقضات امرئ القيس وعلقمة وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزه وجرير والفرزدق وغيرهم.
" وادعوا من استطعتم من دون الله " أي ليعينوكم على معارضة القرآن " إن
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست