قالوا: إن النار تحرق الشجر، فكيف تنبت الشجرة في النار؟ وصدق به المؤمنون. (1) وفي قوله: " وقالوا لن نؤمن لك " قال ابن عباس: إن جماعة من قريش وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن الحرب والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وعبد الله بن أمية (2) وأمية بن خلف والعاص بن وائل، وبنيه ومنبه ابنا الحجاج والنضر بن الحارث وأبو البختري بن هشام اجتمعوا عند الكعبة، وقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد وكلموه وخاصموه، فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك، فبادر - عليه وآله صلوات الله وسلامه - إليهم ظنا منه أنه بدا لهم من أمره، وكان حريصا على رشدهم، فجلس إليهم فقالوا: يا محمد إنا دعوناك لنعتذر إليك، فلا نعلم قوما أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، شتمت الآلهة، وعبت الدين، وسفهت الأحلام، وفرقت الجماعة، فإن كنت جئت بهذا لتطلب مالا أعطيناك، وإن كنت تطلب الشرف سودناك علينا، وإن كانت علة غلبت عليك طلبنا لك الأطباء! فقال صلى الله عليه وآله: ليس شئ من ذلك، بل بعثني الله إليكم رسولا وأنزل كتابا، فإن قبلتم ما جئت به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه أصبر حتى يحكم الله بيننا، قالوا: فإذا ليس أحد أضيق بلدا منا، فاسأل ربك أن يسير هذه الجبال ويجري لنا أنهارا كأنهار الشام والعراق، وأن يبعث لنا من مضى، وليكن فيهم قصي فإنه شيخ صدوق لنسألهم عما تقول أحق أم باطل؟ فقال: ما بهذا بعثت، قالوا: فإن لم تفعل ذلك فاسأل ربك أن يبعث ملكا يصدقك، ويجعل لنا جنات وكنوزا وقصورا من ذهب، فقال: ما بهذا بعثت وقد جئتكم بما بعثني الله تعالى به فإن قبلتم وإلا فهو يحكم بيني وبينكم، قالوا فأسقط علينا السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل ذلك، قال: ذاك إلى الله إن شاء فعل، وقال قائل منهم: لا نؤمن لك حتى
(١٢٠)