بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٠٨
من في السماوات والأرض " يعني الملائكة وسائر المكلفين " طوعا وكرها " أي يجب السجود لله تعالى إلا أن المؤمن يسجد له طوعا، والكافر كرها بالسيف، أو يخضعون له إلا أن الكافر يخضع له كرها لأنه لا يمكنه أن يمتنع عن الخضوع لله تعالى لما يحل به من الآلام والأسقام " وظلالهم " أي ويسجد ظلالهم لله " بالغدو والآصال " أي العشيات قيل: المراد بالظل الشخص، فإن من يسجد يسجد معه ظله، قال الحسن: يسجد ظل الكافر ولا يسجد الكافر، ومعناه عند أهل التحقيق أنه يسجد شخصه دون قلبه، لأنه لا يريد بسجوده عبادة ربه من حيث إنه يسجد للخوف، وقيل: إن الظلال على ظاهرها، والمعنى في سجودها تمايلها من جانب إلى جانب وانقيادها للتسخير (1) بالطول والقصر " قل هل يستوي الأعمى والبصير " أي المؤمن والكافر " أم هل تستوي الظلمات والنور " أي الكفر والايمان، أو الضلالة والهدى، أو الجهل والعلم " أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه " أي هل جعل هؤلاء الكفار شركاء في العبادة خلقوا أفعالا مثل خلق الله تعالى من الأجسام والألوان والطعوم والروائح والقدرة والحياة وغير ذلك " فتشابه الخلق عليهم " أي فاشتبه لذلك عليهم ما الذي خلق الله، وما الذي خلق الأوثان، فظنوا أن الأوثان تستحق العبادة لان أفعالها مثل أفعال الله تعالى، فإذا لم يكن ذلك مشتبها إذ كان ذلك كله لله لم يبق شبهة أنه الاله لا تستحق العبادة سواه. (2) وفي قوله تعالى: " فسالت أودية بقدرها " يعني فاحتمل الأنهار الماء كل نهر بقدره: الصغير على قدر صغره، والكبير على قدر كبره " فاحتمل السيل زبدا رابيا " أي طافيا عاليا فوق الماء، شبه سبحانه الحق والاسلام بالماء الصافي النافع للخلق، والباطل بالزبد الذاهب باطلا، وقيل: إنه مثل للقرآن النازل من السماء، ثم يحتمل القلوب حظها من اليقين والشك على قدرها، فالماء مثل لليقين: والزبد مثل للشك، عن ابن عباس، ثم ذكر المثل الآخر فقال: " ومما توقدون عليه في النار " وهو الذهب

(1) في التفسير المطبوع: وانقيادها بالتسخير.
(2) مجمع البيان 6: 283 - 285.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست