بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٩٨
صاموا لهم ولا صلوا لهم، ولكنهم أحلوا لهم حراما، وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم فعبدوهم من حيث لا يشعرون. وروى الثعلبي بإسناده عن عدي بن حاتم قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك، قال: فطرحته وانتهيت إليه وهو يقرء هذه الآية حتى فرغ منها، فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، فقال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتستحلونه؟
قال: فقلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم. (1) وفي قوله: " إنما النسئ زيادة في الكفر " يعني تأخير الأشهر الحرم عما رتبها الله سبحانه عليه، وكانت العرب تحرم الأشهر الأربعة، وذلك مما تمسكت به من ملة إبراهيم وإسماعيل، وهم كانوا أصحاب غارات وحروب، فربما كان يشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغيرون فيها، (2) فكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم فيمكثون بذلك زمانا، ثم يزول التحريم إلى المحرم (3) ولا يفعلون ذلك إلا في ذي الحجة وقال ابن عباس: معنى قوله: " زيادة في الكفر " أنهم كانوا أحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحل الله، قال الفراء: والذي كان يقوم به رجل من كنانة يقال له نعيم بن تغلبة وكان رئيس الموسم، فيقول: أنا الذي لا أعاب ولا أخاب، ولا يرد لي قضاء، فيقولون: نعم صدقت أسئنا شهرا وأخر عنا حرمة المحرم واجعلها في صفر وأحل المحرم، فيفعل ذلك، والذي كان ينسؤها حين جاء الاسلام جنادة بن عوف بن أمية الكناني، قال ابن عباس: وأول من سن النسئ عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف، وقال أبو مسلم: بل رجل من بني كنانة يقال له القلمس، وقال مجاهد: كان المشركون يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكذلك في الشهور حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة، ثم حج النبي

(1) مجمع البيان 5: 23.
(2) أغار عليهم: هجم وأوقع بهم. وفى التفسير المطبوع: لا يغزون فيها.
(3) في التفسير المطبوع: ثم يأول التحريم إلى المحرم.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست