وفي قوله: " أو يأخذهم في تقلبهم " أي يأخذهم العذاب في تصرفهم في أسفارهم وتجاراتهم، وقيل: في تقلبهم في كل الأحوال ليلا ونهارا فيدخل فيه تقلبهم على الفراش يمينا وشمالا " فما هم بمعجزين " أي فليسوا بفائتين وما يريده الله بهم من الهلاك لا يمتنع عليه " أو يأخذهم على تخوف " قال الأكثر: أي على تنقص إما بقتل أو بموت، أي ينقص من أطرافهم ونواحيهم يأخذ منهم الأول فالأول حتى يأتي على جميعهم، وقيل: في حال تخوفهم من العذاب " يتفيؤ ظلاله " أي يتميل ظلاله عن جانب اليمين وجانب الشمال، ومعنى سجود الظل دورانه من جانب إلى جانب كما مر، وقيل:
المراد بالظل هو الشخص بعينه، ولهذا الاطلاق شواهد في كلام العرب " وهم داخرون " أي أذلة صاغرون، فنبه تعالى على أن جميع الأشياء تخضع له بما فيها من الدلالة على الحاجة إلى واضعها ومدبرها، فهي في ذلك كالساجد من العباد " وله الدين واصبا " أي له الطاعة دائمة واجبة على الدوام، من وصب الشئ وصوبا: إذا دام، وقيل: أي خالصا " نصيبا مما رزقناهم " أي ما مر ذكره في سورة الأنعام من الحرث والانعام وغيرها " ولهم ما يشتهون " أي ويجعلون لأنفسهم ما يشتهونه ويحبونه من البنين " وهو كظيم " أي ممتلئ غيظا وحزنا " أيمسكه على هون أم يدسه في التراب " أي يدبر في أمر البنت المولود له: أيمسكه على ذل وهوان أم يخفيه في التراب ويدفنه حيا؟ وهو الوأد الذي كان من عادة العرب، وهو أن أحدهم كان يحفر حفيرة صغيرة فإذا ولد له أنثى جعلها فيها وحثا عليها التراب حتى تموت تحته، وكانوا يفعلون ذلك مخافة الفقر " ويجعلون لله ما يكرهون " أي البنات " أن لهم الحسنى " أي البنون أو المثوبة الحسنى في الآخرة (1) " وأنهم مفرطون " أي مقدمون معجلون إلى النار. (2) وفي قوله: " فما الذين فضلوا " فيه قولان: أحدهما أنهم لا يشركون عبيدهم في أموالهم وأزواجهم حتى يكونوا فيه سواء ويرون ذلك نقصا، فلا يرضون لأنفسهم به، وهم يشركون عبادي في ملكي وسلطاني ويوجهون العبادة والقرب إليهم كما