بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٠١
وملكه، ولكن يجعل له شريكا في العبادة يكون متوسطا بينه وبين الصانع وهم أصحاب المتوسطات، ثم اختلفوا فمنهم من جعل الوسائط من الاجرام العلوية كالنجوم والشمس والقمر، ومنهم من جعل المتوسط من الأجسام السفلية كالأصنام ونحوها، تعالى الله عما يقول الزائغون عن سبيله علوا كبيرا. (1) وفي قوله تعالى: " أم من لا يهدي إلا أن يهدى " الأصنام لا تهتدي ولا تهدي أحدا وإن هديت، لأنها موات من حجارة ونحوها، ولكن الكلام نزل على أنها إن هديت اهتدت لأنهم لما اتخذوها آلهة عبر عنها كما يعبر عمن يعقل ووصفت بصفة من يعقل وإن لم تكن في الحقيقة كذلك، ألا ترى إلى قوله تعالى: (2) " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم " وقوله: " فادعوهم فليستجيبوا لكم ألهم أرجل يمشون بها " الآية وكذا قوله: " إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم " فأجري عليه اللفظ كما يجري على من يعلم، وقيل: المراد بذلك الملائكة والجن، وقيل: الرؤساء والمضلون الذين يدعون إلى الكفر، وقيل: إن المعنى في قوله: " لا يهدي إلا أن يهدى " لا يتحرك إلا أن يحرك " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه " أي بما لم يعلموه من جميع وجوهه لان في القرآن ما يعلم المراد منه بدليل ويحتاج إلى الفكر فيه، أو الرجوع إلى الرسول في معرفة مراده مثل المتشابه، فالكفار لما لم يعرفوا المراد بظاهره كذبوا به، وقيل: أي لم يحيطوا بكيفية نظمه وترتيبه، وهذا كما أن الناس يعرفون ألفاظ الشعر والخطب ومعانيها وما يمكنهم إبداعها لجهلهم بنظمها وترتيبها، وقال الحسن: معناه: بل كذبوا بالقرآن من غير علم ببطلانه، وقيل: معناه: بل كذبوا بما في القرآن من الجنة والنار والبعث والنشور والثواب والعقاب. (3) وفي قوله: " ماذا يستعجل منه المجرمون " هذا الاستفهام معناه التفظيع والتهويل كما يقول الانسان لمن هو في أمر يستوخم عاقبته: ماذا تجني على نفسك؟ وقال

(1) مجمع البيان 5: 107.
(2) في التفسير المطبوع: ألا ترى إلى قوله سبحانه: " ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون " وقوله: " إن الذين تدعون " إ ه‍.
(3) مجمع البيان 5: 109 - 110.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست