الكفار بعيدا، لأنهم لا يعتقدون صحته، وكل ما هو آت فهو قريب دان.
وفي قوله سبحانه: " كلا ": زجر، تقديره: لا تفعلوا هكذا، ثم خوفهم فقال:
" إذا دكت الأرض دكا دكا " أي كسر كل شئ على ظهرها من جبل أو بناء أو شجر، حتى زلزلت فلم يبق عليها شئ، يفعل ذلك مرة بعد مرة، وقيل: " دكت الأرض " أي مدت يوم القيامة مد الأديم عن ابن عباس، وقيل: دقت جبالها وأنشازها حتى استوت عن ابن قتيبة، والمعنى: استوت في انفراشها، فذهب دورها وقصورها وسائر أبنيتها حتى تصير كالصحراء الملساء " وجاء ربك " أي أمر ربك وقضاؤه ومحاسبته، وقيل: جاء أمره الذي لا أمر معه، بخلاف حال الدنيا، وقيل جاء جلائل آياته، فجعل مجيئها مجيئه تفخيما لأمرها، وقال بعض المحققين: المعنى: وجاء ظهور ربك، لضرورة المعرفة به، لان ظهور المعرفة بالشئ يقوم مقام ظهوره ورؤيته، ولما صارت المعارف بالله في ذلك اليوم ضرورية صار ذلك كظهوره وتجليه للخلق، فقيل: " وجاء ربك " أي زالت الشبهة و ارتفع الشك، كما ترتفع عند مجئ الشئ الذي كان يشك فيه، جل وتقدس عن المجئ والذهاب " والملك " أي وتجئ الملائكة " صفا صفا " يريد صفوف الملائكة و أهل كل سماء صف على حدة عن عطاء، وقال الضحاك: أهل كل سماء إذا زلزلوا يوم القيامة كانوا صفا محيطين بالأرض وبمن فيها، فيكونون سبع صفوف، وقيل: معنا:
مصطفين كصفوف الناس في الصلاة: يأتي الصف الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم على هذا الترتيب، لان ذلك أشبه بحال الاستواء من التشويش، فالتعديل والتقويم أولى في الأمور " وجئ يومئذ بجهنم " أي وأحضرت في ذلك اليوم جهنم ليعاقب بها المستحقون لها، ويرى أهل الموقف هولها وعظم منظرها.
وروي مرفوعا عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه الآية تغير لون رسول الله صلى الله عليه وآله، وعرف في وجهه، حتى اشتد على أصحابه ما رأوا من حاله، وانطلق بعضهم إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا علي لقد حدث أمر قد رأيناه في نبي الله، فجاء علي عليه السلام فاحتضنه من خلفه، وقبل بين عاتقيه، ثم قال: يا نبي الله بأبي أنت و أمي ما الذي حدث اليوم؟ قال: جاء جبرئيل فأقرأني: " وجيئ يومئذ بجهنم " فقال: