حالية، وسيأتي توجيهه ولكنه بعيد. وأما المعنى الخامس فهو الظاهر مما مر من الاخبار.
فاعلم أن العرش قد يطلق على الجسم العظيم الذي أحاط بسائر الجسمانيات، وقد يطلق على جميع المخلوقات، وقد يطلق على العلم أيضا كما وردت به الأخبار الكثيرة ، (1) وسيأتي تحقيقه في كتاب السماء والعالم.
فإذا عرفت هذا فإما أن يكون عليه السلام فسر العرش بمجموع الأشياء، وضمن الاستواء ما يتعدى بعلى، كالاستيلاء والاستعلاء والاشراف، فالمعنى: استوت نسبته إلى كل شئ حال كونه مستوليا عليها، أو فسره بالعلم ويكون متعلق الاستواء مقدرا أي تساوت نسبته من كل شئ حال كونه متمكنا على عرش العلم، فيكون إشارة إلى بيان نسبته تعالى وإنها بالعلم والإحاطة، أو المراد بالعرش عرش العظمة والجلال والقدرة كما فسر بها أيضا في بعض الأخبار أي استوى من كل شئ مع كونه في غاية العظمة ومتمكنا على عرش التقدس والجلالة، والحاصل أن علو قدره ليس مانعا من دنوه بالحفظ و التربية والإحاطة وكذا العكس، وعلى التقادير فقوله: استوى خبر، وقوله: على العرش حال، ويحتمل أن يكونا خبرين على بعض التقادير، ولا يبعد على الاحتمال الأول جعل قوله: على العرش متعلقا بالاستواء بأن تكون كلمة على بمعنى إلى، ويحتمل على تقدير حمل العرش على العلم أن يكون قوله: على العرش خبرا، وقوله: استوى حالا من العرش لكنه بعيد. وعلى التقادير يمكن أن يقال: إن النكتة في إيراد الرحمن بيان أن رحمانيته توجب استواء نسبته إيجادا وحفظا وتربية وعلما إلى الجميع بخلاف الرحيمية فإنها تقتضي إفاضة الهدايات الخاصة على المؤمنين فقط، وكذا كثير من أسمائه الحسنى تخص جماعة كما سيأتي تحقيقها. ويؤيد بعض الوجوه التي ذكرنا ما ذكره الصدوق رحمه الله في كتاب العقائد حيث قال: اعتقادنا في العرش أنه جملة جميع الخلق، والعرش