أو جناية من غير جان؟! وإن شئت قلت: في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين، وأسرج لها حدقتين قمراوين، وجعل لها السمع الخفي، وفتح لها الفم السوي، وجعل لها الحس القوي، ونابين بهما تقرض، ومنجلين بهما تقبض، ترهبها الزراع في زرعهم ولا يستطيعون ذبها ولو أجلبوا بجمعهم، حتى ترد الحرث في نزواتها، وتقضي منه شهواتها، وخلقها كله لا يكون إصبعا مستدقة، فتبارك الذي يسجد له من في السماوات والأرض طوعا وكرها، ويعفر له خدا ووجها، ويلقي بالطاعة إليه سلما وضعفا، و يعطي له القياد رهبة وخوفا، فالطير مسخرة لامره، أحصى عدد الريش منها والنفس، وأرسى قوائمها على الندى واليبس، قدر أقواتها، وأحصى أجناسها، فهذا غراب، وهذا عقاب وهذا حمام، وهذا نعام، دعا كل طائر باسمه، وكفل له برزقه، وأنشأ السحاب الثقال فأهطل ديمها، وعدد قسمها فبل الأرض بعد جفوفها، وأخرج نبتها بعد جدوبها.
ايضاح: مدخولة أي معيوبة من الدخل - بالتحريك - وهو العيب والغش والفساد وفلق أي شق. والبشر: ظاهر جلد الانسان. ولا بمستدرك الفكر إما مصدر ميمي أي بإدراك الفكر، أو اسم مفعول من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف (1) أي بإدراك الفكر الذي يدركه الانسان بغاية سعيه، أو اسم مكان والباء بمعنى في أي في محل إدراكه، والغرض المبالغة في صغرها بحيث لا يمكن إدراك تفاصيل أعضائه لا بالنظر ولا بالفكر.
كيف دبت أي مشت. وضنت بالضاد المعجمة والنون أي بخلت، وفي بعض النسخ:
صببت بالصاد المهملة والباء الموحدة على بناء المجهول، إما على القلب أي صب عليها الرزق، أو كناية عن هجومها واجتماعها على رزقها بإلهامه تعالى فكأنها صبت على الرزق، ويمكن أن يقرأ على بناء المعلوم من الصبابة وهي حرارة الشوق. لصدرها الصدر - بالتحريك - رجوع المسافر من مقصده، والشاربة من الورد أي تجمع في أيام التمكن من الحركة لأيام العجز عنها، فإنها تخفى في شدة الشتاء لعجزها عن البرد.
والمنان: هو كثير المن والعطاء. والديان: القهار والقاضي والحاكم والسائس و