بمكة فقال له: أيجوز للمحرم أن يظلل عليه محمله؟ فقال له موسى عليه السلام: لا يجوز له ذلك مع الاختيار. فقال له محمد بن الحسن: أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختارا؟ فقال له: نعم، فتضاحك محمد بن الحسن عن ذلك، فقال له أبو الحسن موسى عليه السلام: أفتعجب من سنة النبي صلى الله عليه وآله وتستهزئ بها، إن رسول الله صلى الله عليه وآله كشف ظلاله في إحرامه ومشى تحت الظلال وهو محرم، إن أحكام الله تعالى - يا محمد - لا تقاس، فمن قاس بعضها على بعض فقد ضل سواء السبيل. فسكت محمد بن الحسن لا يرجع جوابا.
7 - وقد جرى لأبي يوسف مع أبي الحسن موسى عليه السلام بحضرة المهدي ما يقرب من ذلك، وهو: أن موسى عليه السلام سأل أبا يوسف عن مسألة ليس عنده فيها شئ فقال لأبي الحسن موسى عليه السلام: إني أريد أن أسألك عن شئ، قال: هات. فقال: ما تقول في التظليل للمحرم؟ قال: لا يصلح. قال فيضرب الخباء في الأرض فيدخل فيه؟ قال:
نعم. قال: فما فرق بين هذا وذاك؟ قال أبو الحسن موسى عليه السلام: ما تقول في الطامث تقضي الصلاة؟ قال: لا. قال: تقضي الصوم؟ قال: نعم. قال: ولم؟ قال: إن هذا كذا جاء.
قال أبو الحسن عليه السلام: وكذلك هذا، قال المهدي لأبي يوسف: ما أراك صنعت شيئا، قال يا أمير المؤمنين رماني بحجة.
8 - نهج البلاغة: من خطبة له عليه السلام: إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، ويتولى عليها رجال رجالا على غير دين الله، فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين (1)، ولو أن الحق خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث (2) فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى.