بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٩
إبليس إلى قياس منطقي مادته مغالطة، لأنه استدل أولا على خيريته بأن مادته من نار ومادة آدم من طين، والنار خير من الطين فاستنتج من ذلك أن مادته خير من مادة آدم ثم جعل ذلك صغرى ورتب القياس هكذا: مادته خير من مادة آدم، وكل من كان مادته خيرا من مادة غيره يكون خيرا منه، فاستنتج أنه خير من آدم. ويرجع كلامه عليه السلام إلى منع كبرى القياس الثاني بأنه لا يلزم من خيرية مادة أحد على غيره كونه خيرا منه، إذ لعله تكون صورة الغير في غاية الشرافة وبذلك يكون ذلك الغير أشرف، كما أن آدم لشرافة نفسه الناطقة التي جعلها الله محل أنواره ومورد أسراره أشد نورا وضياءا من النار، إذ نور النار لا يظهر إلا في المحسوسات، ومع ذلك ينطفئ بالماء والهواء ويضمحل بضوء الكواكب، ونور آدم نور به يظهر عليه أسرار الملك والملكوت ولا ينطفئ بهذه الأسباب والدواعي، ويحتمل أن يكون المراد بنور آدم عقله الذي به نور الله نفسه وبه شرفه على غيره، ويحتمل إرجاع كلامه عليه السلام إلى إبطال كبرى القياس الأول بأن إبليس نظر إلى النور الظاهر في النار وغفل عن النور الذي أودعه الله في طين آدم لتواضعه ومذلته، فجعله لذلك محل رحمته ومورد فيضه، وأظهر منه أنواع النباتات والرياحين والثمار والمعادن والحيوان، وجعله قابلا لإفاضة الروح عليه، وجعله محلا لعلمه وحكمته، فنور التراب نور خفي لا يطلع عليه إلا من كان له نور، ونور النار نور ظاهر بلا حقيقة ولا استقرار ولا ثبات ولا يحصل منها إلا الرماد وكل شيطان مريد. ويمكن حمل القياس هنا على القياس الفقهي أيضا لأنه لعنه الله استنبط أولا علة إكرام آدم فجعل علة ذلك كرامة طينته، ثم قاس بأن تلك العلة فيه أكثر وأقوى فحكم بذلك أنه بالمسجودية أولى من الساجدية، فأخطأ العلة ولم يصب وصار ذلك سببا لشركه وكفره، ويدل على بطلان القياس بطريق أولى على بعض معانيه. وسيأتي تمام الكلام في ذلك وفي كيفية خلق آدم وإبليس في كتاب السماء والعالم، وكتاب قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إن شاء الله.
6 - الإحتجاج: سأل محمد بن الحسن (1) أبا الحسن موسى عليه السلام بمحضر من الرشيد وهم

(1) هو محمد بن الحسن الشيباني الفقيه الحنفي نشأ بالكوفة فطلب الحديث ولقى جماعة من الاعلام وحضر مجلس أبي حنيفة سنين ثم تفقه على أبى يوسف صاحب أبي حنيفة، وصنف الكتب الكثيرة النادرة ونشر علم أبي حنيفة، وكان الرشيد قد ولاه قضاء الرقة ثم عزله عنها، وقدم بغداد ولم يزل محمد ابن الحسن ملازما للرشيد حتى خرج إلى الري خرجته الأولى فخرج معه ومات بر نبويه - قرية من قرى الري - سنة تسع وثمانين ومائة، ومولده سنة خمس وثلاثين. وقيل: احدى وثلاثين. وقيل:
اثنتين وثلاثين ومائه. قاله ابن خلكان في وفيات الأعيان.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 8 ثواب الهداية والتعليم وفضلهما وفضل العلماء، وذم إضلال الناس، وفيه 92 حديثا. 1
3 باب 9 استعمال العلم والإخلاص في طلبه، وتشديد الأمر على العالم، وفيه 71 حديثا. 26
4 باب 10 حق العالم، وفيه 20 حديثا. 40
5 باب 11 صفات العلماء وأصنافهم، وفيه 42 حديثا. 45
6 باب 12 آداب التعليم، وفيه 15 حديثا. 59
7 باب 13 النهي عن كتمان العلم والخيانة وجواز الكتمان عن غير أهله، وفيه 84 حديثا. 64
8 باب 14 من يجوز أخذ العلم منه ومن لا يجوز، وذم التقليد والنهي عن متابعة غير المعصوم في كل ما يقول، ووجوب التمسك بعروة اتباعهم عليهم السلام، وجواز الرجوع إلى رواة الأخبار والفقهاء والصالحين، وفيه 68 حديثا. 81
9 باب 15 ذم علماء السوء ولزوم التحرز عنهم، وفيه 25 حديثا. 105
10 باب 16 النهي عن القول بغير علم، والإفتاء بالرأي، وبيان شرائطه، وفيه 50 حديثا 111
11 باب 17 ما جاء في تجويز المجادلة والمخاصمة في الدين والنهي عن المراء، وفيه 61 حديثا. 124
12 باب 18 ذم إنكار الحق والإعراض عنه والطعن على أهله، وفيه 9 حديثا. 140
13 باب 19 فصل كتابة الحديث وروايته، وفيه 47 حديثا. 144
14 باب 20 من حفظ أربعين حديثا، وفيه 10 أحاديث. 153
15 باب 21 آداب الرواية، وفيه 25 حديثا. 158
16 باب 22 ان لكل شيء حدا، وأنه ليس شيء إلا ورد فيه كتاب أو سنة، وعلم ذلك كله عند الإمام، وفيه 13 حديثا. 168
17 باب 23 أنهم عليهم السلام عندهم مواد العلم وأصوله، ولا يقولون شيئا برأي ولا قياس بل ورثوا جميع العلوم عن النبي صلى الله عليه وآله وأنهم أمناء الله على أسراره، وفيه 28 حديثا. 172
18 باب 24 ان كل علم حق هو في أيدي الناس فمن أهل البيت عليهم السلام وصل إليهم، وفيه 2 حديثان. 179
19 باب 25 تمام الحجة وظهور المحجة، وفيه 4 أحاديث. 179
20 باب 26 أن حديثهم عليهم السلام صعب مستصعب، وان كلامهم ذو وجوه كثيرة، وفضل التدبر في أخبارهم عليهم السلام، والتسليم لهم، والنهي عن رد أخبارهم، وفيه 116 حديثا. 182
21 باب 27 العلة التي من أجلها كتم الأئمة عليهم السلام بعض العلوم والأحكام، وفيه 7 أحاديث. 212
22 باب 28 ما ترويه العامة من أخبار الرسول صلى الله عليه وآله، وان الصحيح من ذلك عندهم عليهم السلام، والنهي عن الرجوع إلى أخبار المخالفين، وفيه ذكر الكذابين، وفيه 14 حديثا 214
23 باب 29 علل اختلاف الأخبار وكيفية الجمع بينها والعمل بها ووجوه الاستنباط، وبيان أنواع ما يجوز الاستدلال به، وفيه 72 حديثا. 219
24 باب 30 من بلغه ثواب من الله على عمل فأتى به، وفيه 4 أحاديث. 256
25 باب 31 التوقف عند الشبهات والاحتياط في الدين، وفيه 17 حديثا. 258
26 باب 32 البدعة والسنة والفريضة والجماعة والفرقة وفيه ذكر أهل الحق وكثرة أهل الباطل، وفيه 28 حديثا. 261
27 باب 33 ما يمكن أن يستنبط من الآيات والأخبار من متفرقات مسائل أصول الفقه، وفيه 62 حديثا. 268
28 باب 34 البدع والرأي والمقائيس، وفيه 84 حديثا. 283
29 باب 35 غرائب العلوم من تفسير أبجد وحروف المعجم وتفسير الناقوس وغيرها وفيه 6 أحاديث. 316