ثم توجه إلى ناكثا علينا، مغيرا في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا، والانباء تأتيني والاخبار ترد على بذلك، فأتاني أعور ثقيف، فأشار إلى أن أوليه البلاد التي هو بها لاداريه بما أوليه منها! وفى الذي أشار به الرأي في أمر الدنيا، لو وجدت عند الله عز وجل في توليته لي مخرجا، وأصبت لنفسي في ذلك عذرا، فأعلمت (1) الرأي في ذلك، وشاورت من أثق بنصيحته لله عز وجل ولرسوله ولى وللمؤمنين، فكان رأيه في ابن آكلة الأكباد كرأيي، ينهاني عن توليته، ويحذرني أن أدخل في أمر المسلمين يده، ولم يكن الله ليراني لاتخذ المضلين عضدا، فوجهت إليه أخا (2) بجيلة مرة، وأخا الأشعريين مرة، كلاهما (3) ركن إلى الدنيا، وتابع هواه فيما أرضاه.
فلما لم أره (4) يزداد فيما انتهك من محارم الله إلا تماديا، فشاورت من معي من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله البدريين، والذين ارتضى الله عز وجل أمرهم، ورضى عنهم بعد بيعتهم، وغيرهم من صلحاء المسلمين والتابعين، فكل يوافق رأيه رأيي في غزوه ومحاربته، ومنعه مما نالت يده، وإني نهضت إليه بأصحابي، أنفذ إليه من كل موضع كتبي، وأوجه إليه رسل، أدعوه إلى الرجوع عما هو فيه، والدخول فيما فيه الناس معي، فكتب يتحكم على ويتمنى على الأماني، ويشترط على شروطا لا يرضاها الله عز وجل ورسوله، ولا المسلمون، ويشترط في بعضها أن أدفع إليه أقواما من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أبرارا فيهم عمار بن ياسر، وأين مثل عمار؟
والله لقد رأينا (5) مع النبي وما تقدمنا (6) خمسة إلا كان سادسهم، ولا