ثم نزل جبرئيل، وعليه حلة واحدة، فإذا هو من أحسن الخلق في نهاية الوصف، ومعه كأس فيه ماء، كاصفى ما يكون من الماء، وأحسنه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: اعطني الكاس، فأعطاه، فنادى بأعلى صوته يا شيعة محمد وآله! وأجابوه من حاشيتي وغلماني ومن أهل الدار، أربعون نفسا، أعرفهم كلهم، وكان في داري أكثر من خمسمائة الف انسان فسقاهم من الماء، وصرفهم.
ثم قال: أين الدمشقي؟ فكان الباب قد انفتح، فاخرج إليه، فلما رآه علي عليه السلام قال: يا رسول الله هذا يظلمني، ويشتمني، ومن غير سبب أوجب ذلك، فقال صلى الله عليه وآله: خله يا أبا الحسن ثم قبض النبي صلى الله عليه وآله على زنده بيده، وقال: أنت الشاتم علي بن أبي طالب؟ فقال:
نعم، قال: اللهم امسخه، وامحقه، وانتقم منه، قال: فتحول، وانا أراه كلبا ورد إلى البيت، كما كان، وصعد النبي صلى الله عليه وآله، وجبرئيل عليه السلام وعلي عليه السلام ومن كان معهم، فانتبهت فزعا، مذعورا، فدعوت الغلام، وأمرت باخراجه إلى فاخرج وهو كلب، فقلت له:
كيف رأيت عقوبة ربك؟ فأومئ برأسه كالمعتذر، وأمرت برده وها هو ذا في البيت.
ثم نادى وامر باخراجه، فاخرج وقد اخذ الغلام باذنه، فإذا أذناه كآذان الناس وهو في صورة الكلب، فوقف بين أيدينا يلوك بلسانه ويحرك شفتيه كالمعتذر.
قال الشافعي للرشيد: هذا مسخ، ولست آمن ان يحل العذاب به، فامر باخراجه عنا، فامر به فرد به إلى البيت، فما كان بأسرع من أن سمعنا وحيه (1) وصيحته، فإذا صاعقة، قد سقطت على سطح البيت، فأحرقته وأحرقت البيت، فصار رمادا وعجل بروحه إلى نار جهنم.