باذني اجل من كل فضيلة تروونها أنتم، وانى لتائب إلى الله تعالى مما كان منى من امر الطالبية ونسلهم.
فقلنا بأجمعنا: وفق الله أمير المؤمنين، واصلحه ان رأيت أن تخبرنا بما عندك؟ قال: نعم وليت عاملي يوسف بن الحجاج بدمشق، امرته بالعدل في الرعية والانصاف في القضية، فاستعمل ما امرته، فرفع إليه ان الخطيب الذي يخطب بدمشق يشتم عليا عليه السلام في كل يوم، وينقصه، قال: فأحضره، وساله عن ذلك، فاقر له بذلك، فقال له: وما حملك على ما أنت عليه؟
قال: لأنه قتل آبائي، وسبى الذراري، فلذلك الحقد له في قلبي، ولست أفارق على ما انا عليه.
فقيده، وغلقه، وحبسه، وكتب إلى بخبره، فأمرته ان يحمله على حالته من القيود، فلما مثل بين يدي، زبرته، وصحت به، وقلت: أنت الشاتم لعلي بن أبي طالب عليهما السلام؟ فقال: نعم، قلت: ويلك قتل من قتل وسبى من سبى بأمر الله تعالى، وامر النبي صلى الله عليه وآله، قال: ما أفارق ما انا عليه ولا تطيب نفسي الا به.
فدعوت بالسياط والعقابين، فأقمته بحضرتي ههنا، وظهره إلى فأمرت الجلاد وجلده مائة سوط فأكثر الصياح والغياث، فبال في مكانه فأمرت به، فنحى عن العقابين وادخل ذلك البيت وأومئ بيده إلى بيت في الإيوان وأمرت ان يغلق الباب عليه، ففعل ذلك، ومضى النهار، واقبل الليل، ولم أبرح من موضعي هذا، حتى صليت العتمة، ثم بقيت ساهرا أفكر في قتله، وفى عذابه، وباي شئ أعذبه؟ مرة أقول أعذبه على علاوته ومرة أقول اقطع أمعائه، ومرة أفكر في تفريقه، أو قتله بالسوط، واستمر الفكر في امره، حتى غلبتني عيني في آخر الليل، فإذا انا ببات السماء قد انفتح، وإذا النبي صلى الله عليه وآله قد هبط، وعليه خمس حلل.
ثم هبط علي عليه السلام، وعليه ثلاث حلل، ثم هبط الحسن عليه السلام، وعليه ثلاث حلل، ثم هبط الحسين عليه السلام وعليه حلتان.