أوحى إلى غير موسى (ع) ثم إنه يحب تأويل ما ورد من هذا المعنى بحمل الخلق على مجرد التقدير أو بحمل خلق والشر على خلق القوى والشهوات التي هي أسبابهما أو بحمل الخير على ما تميل إليه طباع البشر، والشر على ما تكرهه وتنفر عنه، وتخصيصهما بغير أفعال العباد إذ يوجد في أفعال الله كل من القسمين كالخصب والجدب والصحة والسقم والحياة والموت والعافية والبلاء والبصر والعمى إلى غير ذلك ويشتمل كل من القسمين على حكم ومصالح واضحة أو خفية، لأن أدلة العقل والنقل الدالة على العدل وصدور الطاعة والمعصية عن العبد قطعية لا تحتمل التأويل.
ثم إنه قد يكون فعل العبد لطاعة أو معصية سببا لفعل الله عز وجل به كما إذا صدر عن مكلف طاعات اقتضت الحكمة الإلهية مقابلتها بسعة رزقه وطول عمره وعافيته، فهناك يحسن أن يقال: طوبى لمن أجرى الله على يديه الخير، وكذا إذا صدر عنه ذنوب اقتضت المصلحة تعجيل عقوبتها بسقم أو فقر أو نقص عمر فهناك يقال: ويل لمن أجرى الله على يديه الشر، فلا يلزم مدح العبد وذمه أو ثوابه وعقابه على فعل غيره، وبهذا الاعتبار يجمع بين الأدلة والاخبار وتستقيم معانيها ويلتئم تنافيها والله أعلم.
وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن بعض أصحابه عن ابن يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: فيما ناجى الله بن موسى (ع) يا موسى لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين