مختصر البصائر - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة ١٥
وأنس بن مالك، يريد إذلالهم، وأن يجتنبهم الناس، ولا يسمعوا منهم (1).
واستمر هذا الوضع السياسي الملتوي عن مهيع الحق - بمعاقبة الرواة وتأنيب المحدثين - أعصارا طويلة، وأزمانا مديدة، وتوارثته أجيال وأجيال.. فبعد ما يقرب على أكثر من قرنين من هلاك الحجاج (2) يدخل مدينة دمشق الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (3) قادما من مصر، فيرى الناس مشحونة بالتحامل على الإمام علي (عليه السلام) وانحرافهم عنه، فأخذ على نفسه أن يجمع فضائل ومناقب الإمام (عليه السلام) في كتاب خاص سماه ب‍ (خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب) وكان يملي أحاديثه في المسجد الأموي على الناس، رجاء أن يهدي الله به.
وبعد أن فرغ من ذلك، سئل عن معاوية، وما روي من فضائله! فقال: أما يرضى معاوية أن يخرج رأسا برأس حتى يفضل؟! ما أعرف له فضيلة إلا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا أشبع الله بطنه) (4).
فهجموا عليه ضربا بالنعال، وما زالوا يدفعون في خصييه، وداسوه حتى أخرجوه من المسجد الأموي، فقال: احملوني، فحمل إلى الرملة من قرى فلسطين، فتوفي بها (5).

١ - أسد الغابة ٢: ٣٦٦، وانظر الكتاب الحافل القيم الموسوم ب‍ (تدوين السنة الشريفة) للعلامة المحقق سيد محمد رضا الجلالي.
٢ - إذ كان هلاكه في سنة ٩٥ ه‍.
٣ - وهو صاحب الكتاب المعروف ب‍ (سنن النسائي) والمتوفى سنة ٣٠٣ ه‍.
٤ - صحيح مسلم ٤: ٢٠١٠ / ٢٦٠٤.
٥ - انظر طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣: ١٤ / ٨٠، الكنى والألقاب للقمي ٣: ٢٠٥ - ٢٠٦، النصائح الكافية: ١١٨، تذكرة الحفاظ للذهبي ٢: ٦٩٩ - ٧٠٠ / ٧١٩.
وحول كتاب (الخصائص) قال ابن حجر العسقلاني في الإصابة ٢: ٥٠٨: وتتبع النسائي ما خص [الإمام علي (عليه السلام)] به من دون الصحابة، فجمع من ذلك شيئا كثيرا، بأسانيد أكثرها جياد.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»