حجر ومدر، وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم من العراق! فلم يبق بها معروف منهم.
وحتى أن الرجل من شيعة الإمام علي (عليه السلام)، ليأتيه من يثق به فيدخل بيته، فيلقي إليه بسره ويخاف من خادمه ومملوكه، ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه.
وكتب معاوية إلى عماله في جميع البلدان، أن لا يجيزوا لأحد من شيعة الإمام علي (عليه السلام) وأهل بيته شهادة.
ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع الأقطار: انظروا من قامت عليه البينة، أنه يحب عليا وأهل بيته! فامحوه من الديوان، وأسقطوا عطائه ورزقه.
وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم، فنكلوا به، وأهدموا داره.
ولم تزل الحالة كذلك حتى سم الإمام الحسن (عليه السلام)، فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه، أو طريد في الأرض....
وتفاقم الموقف العارم وخامة بعد استشهاد أبي الأحرار وسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام)... وولي عبد الملك بن مروان، فاشتد الأمر على الشيعة، وولى عليهم الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي بالغ في جرأته عليهم.
قال عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كل أمة بخبيثها، وجئنا بالحجاج لغلبناهم (1)، فإنه ختم في يد جابر بن عبد الله، وفي عنق سهل بن سعد الساعدي،