مختصر البصائر - الحسن بن سليمان الحلي - الصفحة ٢٧٦
ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): أما كتاب الله فحرفوا (1)، وأما الكعبة

١ - يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدة معان على سبيل الاشتراك:
الأول: نقل الشئ عن موضعه وتحويله إلى غيره، ومنه قوله تعالى * (من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه) * ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في كتاب الله، فإن كل من فسر القرآن بغير حقيقته، وحمله على غير معناه فقد حرفه.
الثاني: النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات، مع حفظ القرآن وعدم ضياعه، وإن لم يكن متميزا في الخارج عن غيره. والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعا، فقد أثبتنا عدم تواتر القراءات، ومعنى هذا إن المنزل إنما هو مطابق لإحدى القراءات، وأما غيرها فهو إما بزيادة وإما بنقيصة فيه.
الثالث: النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفظ على نفس القرآن المنزل. والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الاسلام، وفي زمن الصحابة قطعا، ويدلنا على ذلك إجماع المسلمين على أن عثمان أحرق جملة من المصاحف، وأمر ولاته بحرق كل مصحف غير ما جمعه، وهذا يدل على أن هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه، وإلا لم يكن هناك سبب موجب لإحراقها.
الرابع: التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفظ على القرآن المنزل، والمتسالم على قراءة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إياها. والتحريف بهذا المعنى أيضا واقع في القران قطعا. فالبسملة - مثلا - مما تسالم المسلمون على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قرأها قبل كل سورة غير سورة التوبة، وقد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء السنة، وأما الشيعة فهم متسالمون على جزئية البسملة من كل سورة غير سورة التوبة.
الخامس: التحريف بالزيادة، بمعنى أن بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل.
والتحريف بهذا المعنى باطل باجماع المسلمين، بل هو مما علم بطلانه بالضرورة.
السادس: التحريف بالنقيصة، بمعنى أن المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء، فقد ضاع بعضه على الناس. والتحريف بهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخلاف فأثبته قوم ونفاه آخرون. انظر صيانة القرآن من التحريف للسيد الخوئي (قدس سره) ص 3 - 6.
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»