فخطبها إليه فزوجه إياها وشرط عليه أنها إذا حملت أتى بها لتلد في دار قومها وبنى عليها هاشم بيثرب ومضى بها إلى مكة فلما أثقلت أتى بها إلى يثرب في السفرة التي مات فيها، وذهب إلى الشام فمات هناك بغزة من أرض الشام.
وولدت سلمى عبد المطلب وشب عند أمه فمر به رجل من بنى الحارث بن عبد مناف وهو مع صبيان يتناضلون فرآه أجملهم وأحسنهم إصابة وكلما رمى فأصاب قال: أنا ابن هاشم سيد البطحاء، فأعجب الرجل ما رأى منه ودنا إليه وقال:
من أنت؟ قال: أنا شيبة بن هاشم، أنا ابن سيد البطحاء بن عبد مناف.
قال: بارك الله فيك وكثر فينا مثلك. قال: ومن أنت يا عم؟ قال: رجل من قومك.
قال: حياك الله ومرحبا بك. وسأله عن أحواله وحاجته فرأى الرجل منه ما أعجبه فلما أتى مكة لم يبدأ بشئ حتى أتى عبد المطلب بن عبد مناف فأصابه جالسا في الحجر فخلا به وأخبره خبر الغلام وما رأى منه فقال المطلب: والله لقد أغفلته. ثم ركب قلوصا ولحق بالمدينة وقصد محلة بنى النجار فإذا هو بالغلام في غلمان منهم فلما رآه عرفه وأناخ قلوصه وقصد إليه فأخبره بنسبه (بنفسه خ ل) وانه قد جاء للذهاب به، فما كذب ان جلس على عجز الرحل وركب المطلب القلوص ومضى به، وقيل: بل كانت أمه قد علمت بمجيئ المطلب ونازعته فيه فغلبها عليه ومضى به إلى مكة وهو خلفه، فلما رأته قريش قامت إليه وسلمت عليه وقالوا: من أين أقبلت؟ قال من يثرب. قالوا: ومن هذا الذي معك؟
قال: عبد ابتعته. فلما اتى محله اشترى له حلة ألبسه إياها وأتى به مجلس بنى عبد مناف، فقال: هذا ابن أخيكم هاشم. وأخبرهم خبره فغلب عليه المطلب لقول عمه إنه عبد ابتعته، وساد عبد المطلب قريشا وأذعنت له سائر العرب بالسيادة والرياسة وأخباره مشهورة مع أصحاب الفيل وفى حفر زمزم وفى سقياه حين استسقى مرتين مرة لقريش ومرة لقيس (1) إلى غير ذلك من فضائله واخباره.