أعظم من حق أبيك وتوسل إليه فقبلها منه.
وحكى أبو إسحاق محمد بن إبراهيم بن هلال الصابي الكاتب قال: كنت عند الوزير أبى محمد المهدى ذات يوم فدخل الحاجب واستأذن للشريف المرتضى فاذن له، فلما دخل قام إليه وأكرمه وأجلسه معه في دسته وأقبل عليه يحدثه حتى فرغ من حكايته ومهماته، ثم قام فقام إليه وودعه وخرج، فلم تكن إلا ساعة حتى دخل الحاجب واستأذن للشريف الرضى وكان الوزير قد ابتدأ بكتابة رقعة فألقاها، وقام كالمندهش حتى استقبله من دهليز الدار وأخذ بيده وأعظمه وأجلسه في دسته ثم جلس بين يديه متواضعا وأقبل عليه بمجامعه، فلما خرج الرضى خرج معه وشيعه إلى الباب ثم رجع، فلما خف المجلس قلت: أيأذن الوزير أعزه الله تعالى أن أسأله عن شئ؟ قال: نعم، وكأني بك تسأل عن زيادتي في إعظام الرضى على أخيه المرتضى والمرتضى أسن وأعلم؟ فقلت: نعم أيد الله الله الوزير. فقال إعلم إنا أمرنا بحفر النهر الفلاني وللشريف المرتضى على ذلك النهر ضيعة فتوجه عليه من ذلك ستة عشر درهما أو نحو ذلك فكاتبني بعدة رقاع يسأل في تخفيف ذلك المقدار عنه، وأما أخوه الرضى فبلغني ذات يوم أنه ولد له غلام فأرسلت إليه بطبق فيه ألف دينار فرده وقال: قد علم الوزير أنى لا أقبل من أحد شيئا. فرددته إليه وقلت: إني إنما أرسلته للقوابل. فرده الثانية وقال:
قد علم الوزير أنه لا تقبل نساءنا غريبة. فرددته إليه وقلت: يفرقه الشريف على ملازميه من طلاب العلم. فلما جاءه الطبق وحوله طلاب العلم قال: ها هم حضور فليأخذ كل أحد ما يريد فقام رجل وأخذ دينارا فقرض من جانبه قطعة وأمسكها ورد الدينار إلى الطبق فسأله الشريف عن ذلك فقال: احتجت إلى دهن السراج ليلة ولم يكن الخازن حاضرا فاقترضت من فلان البقال دهنا فأخذت هذه القطعة لادفعها إليه عوض دهنه، وكان طلبة العلم الملازمون للشريف الرضى في دار قد اتخذها لهم سماها (دار العلم) وعين لهم جميع ما يحتاجون إليه، فلما سمع الرضى