يبدو كحاشية الرداء ودونه * صعب الذرى متمنع أركانه فدنا لينظر كيف لاح فلم يطق * نظرا إليه ورده سبحانه فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه * والماء ما سحت به أجفانه إلى آخرها، وكانت هذه القطعة سبب خلاصه من السجن، وذلك إن إبراهيم ابن المدبر أحد وزراء المتوكل توصل بأن أمر بعض المغنين أن يغنى بها في مجلس المتوكل فلما سمعها المتوكل سأل عن قائلها فأخبره إبراهيم الوزير أنها لمحمد بن صالح وتكفل به فأخرجه المتوكل من السجن ولم يمكنه من الرجوع إلى الحجاز فبقي بسر من رأى إلى أن مات، وحكى الشيخ تاج الدين في كتابه (هداية الطالب) مسندا عن محمد بن صالح أنه قال: خرجنا على القافلة قافلة الحاج التي جمع عليها قال فقتلنا من كان فيها من المقاتلة وغلبنا عليها فدخل أصحابي القافلة يغنمون ما فيها ووقفت أبا على تل هناك فكلمتني امرأة في هودج وقالت: من رئيس هؤلاء القوم؟ فقلت لها: وما تريدين منه؟ قالت: إني قد سمعت أنه رجل من أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله ولى إليه حاجة. فقلت لها: هو هذا يكلمك. فقالت أيها الشريف اعلم أنى ابنة إبراهيم بن المدبر ولى في هذه القافلة من الإبل والمال والأقمشة ما يجل وصفه معي في هذا الهودج من الجواهر ما لا يحصى قيمة وأنا أسألك بحق جدك رسول الله وأمك فاطمة الزهراء أن تأخذ جميع ما معي حلالا لك وأضمن لك أيضا مهما شئت من المال أقترضه من التجار بمكة وأسلمه إلى من أردت ولا تمكن أحدا من أصحابك أن يعرض لي ولا يقرب من هودجي هذا، قال: فلما سمعت كلامها ناديت في أصحابي: ألا من أخذ شيئا يرده. فتركوا ما أخذوا وخرجوا إلى فقلت لها: جميع ما معك من المال والجواهر وجميع ما في هذه القافلة هبة منى لك.
ثم ذهبت انا وأصحابي ولم نأخذ من تلك القافلة قليلا ولا كثيرا، قال: فلما قبض على وحملت إلى سر من رأى وحبست دخل على السجان ذات ليلة فقال بباب السجن نساء يستأذن في الدخول عليك، فقلت في نفسي لعلهن بعض نساء أهلي