عظيم وتعظيم لشعائر الله (١)، وإنه من المودة في القربى التي جعلها الله أجر الرسالة (٢) ومن مظاهر الولاية التي أتم الله بها نعمة الهداية، بل هو باب عرفان بذكرى آياته وشعائره وكلماته وتراجمة وحيه، ونظر في أحوال صفوة عباده الذين أورثهم علم كتابه، وجعلهم أئمة يهدون بأمره.
ولا مشاحة أن مسألة بناء قبور الأولياء والصالحين وتشييدها وتعظيمها كانت مألوفة عند الأمم السابقة، فهذه كتب التراجم والتاريخ تخبرنا بأن العديد من القبور قد أتخذت أماكن يتبرك بها (٣) بل إن القرآن المجيد يحدثنا عن قصة أصحاب الكهف، وأن الذين غلبوا على أمرهم قالوا: ﴿لنتخذن عليهم مسجدا﴾ (4) فإذا كان هذا عزيزي القارئ تجليل أصحاب الكهف وغيرهم لأنهم من آيات الله، فتجليل وتعظيم آل النبي صلوات الله عليهم أجمعين أولى وأوجب لأنهم أعلام آيات الله، وأنهم الذين اختصوا بالعصمة وبانتمائهم وانتسابهم إليه صلى الله عليه وآله، وأن لحمهم لحمه، ودمهم دمه، وحربهم حربه، وسلمهم سلمه، وأنه صلى الله عليه وآله يحبهم ويحب من يحبهم، وببغض من يبغضهم، ناهيك عن وجوب مودتهم كما تقدم.
وحري بنا الإشارة هنا إلى لطف من ألطافه تعالى وهو أن شفاعة الرسول صلى الله عليه وآله واستغفاره للمؤمنين أمر لا يقتصر على الحياة الدنيوية التي عاشها رسول الله صلى الله عليه وآله بين ظهرانيهم فحسب، بل إنه حكم عام شامل على ما يستفاد من آيات الذكر الحكيم والاخبار التي صرحت بحياة الأنبياء والأوصياء والأولياء وآخرين في البرزخ، وأنهم يسمعون ويبصرون تماما كما في حياتهم الدنيا، وكذلك على ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام (5)).