ويزيد بن أنس مريض مدنف (1)، فأركبوه حمارا مصريا والرجالة يمسكونه يمينا وشمالا فيقف على الأرباع، ويحثهم على القتال، ويرغبهم في حميد المآل، وقال: ان هلكت فأميركم ورقأ بن عازب الأسدي (2)، فان هلك فأميركم عبد الله بن ضمرة العذري، فان هلك فأميركم سعر بن أبي سعر الحنفي.
ووقع القتال بينهم في ذي الحجة يوم عرفة، سنة ست وستين قبل (3) شروق الشمس، فما ارتفع النهار (4) حتى هزمهم عسكر العراق، وأزالوهم (5) عن مأزق الحرب زوال السراب، وقشعوهم انقشاع الضباب، وأتوا يزيد بثلاثمائة أسير وقد أشفى (6) على الموت، فأشار بيده أن اضربوا رقابهم (7)، فقتلوا جميعا.
ثم مات يزيد بن أنس رحمه الله فصلى عليه ورقأ بن عازب الأسدي ودفنه، واغتم عسكر (8) العراق لموته، فعزاهم ورقأ فيه، وعرفهم أن عبيد الله بن زياد في جمع كثير ولا طاقة لكم به.
فقالوا: الرأي أن ننصرف في جوف الليل (9).