فجعلوا صفو حياتهم كدرا، وساقوهم إلى الموت (1) زمرا، حتى أوصلوهم السكك، وأدخلوهم الجامع، وحصروا الأمير ابن مطيع ثلاثا في القصر.
ونزل المختار بعد هذه الوقعة جانب السوق، وولى حصار القصر إبراهيم بن مالك الأشتر.
فلما ضاق عليه وعلى أصحابه الحصار، وعلموا أنه لا تعويل لهم على مكر (2)، ولا سبيل إلى مفر، أشاروا عليه أن يخرج ليلا في زي امرأة، ويستتر في بعض دور الكوفة، ففعل وخرج حتى صار إلى (3) دار أبي موسى الأشعري فآووه (4)، وأما هم فإنهم طلبوا الأمان من المختار فآمنهم (5)، وخرجوا وبايعوه، وصار يمنيهم، ويستجر مودتهم (6)، ويحسن السيرة فيهم.
ولما خرج أصحاب ابن مطيع من القصر سكنه المختار، ثم خرج إلى الجامع وأمر بالنداء: (الصلاة جامعة)، فاجتمع الناس ورقى المنبر، ثم قال:
الحمد لله الذي وعد وليه النصر، وعدوه الخسر، وعدا مأتيا، وأمرا مفعولا، وقد خاب من افترى.
أيها الناس، مدت لنا (7) غاية، ورفعت لنا راية (8)، فقيل في الراية: