عناءها ولا يركد بلاءها.
- إن الدنيا سريعة التحول كثيرة التنقل شديدة الغدر دائمه المكر، أحوالها تتزلزل ونعيمها يتبدل ورخاءها يتنقص ولذاتها تتنغص وطالبها يذل وراكبها يزل.
- إن الدنيا منتهى بصر الأعمى لا يبصر مما ورائها شيئا والبصير ينفذها بصره و يعلم أن الدار ورائها فالبصير منها شاخص والأعمى إليها شاخص والبصير منها متزود والأعمى لها متزود.
- إن [للدنيا] (1) رجالا لديهم كنوز مذخورة مذمومة عندكم مدحورة يكشف بهم الدين كما يكشف أحدكم رأس قدره يلوذون كالجراد فيهلكون جبابرة البلاد.
- إن الدنيا دار فناء وعناء وعبر و غير.
فمن الفناء أن الدهر موتر قوسه مفوق نبله لا يطيش سهامه ولا تؤسى جراحه يرمي الشباب بالهرم والصحيح بالسقم و الحياة بالموت، شارب لا يروى وآكل لا يشبع.
ومن العناء: أن المرء يجمع ما لا يأكل ويبني ما لا يسكن ثم يخرج إلى الله بلا بناء نقل ولا مال حمل.
ومن عبرها: أنها تريك المرحوم مغبوطا والمغبوط مرحوما ليس بين ذلك إلا نعيم زل وبؤس نزل.
ومن غيرها: أن المرء يشرف على أمله فيقتطعه دونه أجله فلا أمل مدرك و لا مؤمل يترك.
فسبحان الله ما أعز سرورها وأظمأ ريها وأضحى فيئها، كأن الذي كان من الدنيا لم يكن وكأن الذي هو كائن منها قد كان، لا جاء يرد ولا ماض يرتجع (1).
- إن الآخرة هي دار القرار ودار المقام وجنة ونار صار أولياء الله إلى الآخرة بالصبر وإلى الامل بالعمل جاوروا الله في داره ملوكا خالدين.
- إن الدنيا دار غرور حائل وزخرف زائل وظل آفل وسند مائل تردي مستزيدها وتضر مستفيدها فكم من واثق بها راكن إليها قد أرهقته أسعافها وأعلقته أوثاقها وأشربته خناقها وألزمته وثاقها.