أبصر إليها أعمته ومن أبصر (1) بها بصرته.
- إن الدنيا خيرها زهيد وشرها عتيد ولذاتها قليلة وحسراتها طويلة، تشوب نعيمها ببؤس وتقرن سعودها بنحوس و تصل نفعها بضر وتمزج حلوها بمر.
- إن الدنيا تعطي وتمتنع وتنقاد و ترتجع وتوحش وتؤنس وتطمع و تؤيس، يعرض عنها السعداء ويرغب فيها الأشقياء.
- إن الدنيا ربما أقبلت على الجاهل بالانفاق وأدبرت على العاقل مع الاستحقاق، فإن أتتك منها سهمة مع جهل أو فاتتك منها بغية مع عقل فإياك أن تحمل (2) ذلك على الرغبة في الجهل و الزهد في العقل فإن ذلك يزري بك و يرديك.
- إن للدنيا مع كل شربة شرقا ومع كل أكلة غصصا، لا ينال المرء منها نعمة إلا بفراق أخرى ولا يستقبل منها يوما من عمره إلا بفراق آخر من أجله ولا يحيى له فيها أثر إلا مات لها أثر.
- إن الدنيا عيشها قصير وخيرها يسير وإقبالها خديعة وإدبارها فجيعة ولذاتها فانية وتبعاتها باقية.
- إن الدنيا دار أولها عناء وآخرها فناء، في حلالها حساب وفي حرامها عقاب، من استغنى فيها فتن ومن افتقر فيها حزن.
- إن الدنيا دار شخوص ومحلة تنغيص، ساكنها ظاعن وقاطنها بائن و برقها خالب ونطقها كاذب وأموالها محروبة وأعلاقها مسلوبة وهي المتصدية للعيون والجامحة الحرون و المانية الخؤون.
- إن الدنيا تدني الآجال وتباعد الآمال وتبيد الرجال وتغير الأحوال من غالبها غلبته ومن صارعها صرعته ومن عصاها أطاعته ومن تركها أتته.
- إن الدنيا تخلق الأبدان وتجدد الآمال وتقرب المنية وتباعد الأمنية كلما اطمأن منها صاحبها إلى سرور أشخصته منه إلى محذور.
- إن الدنيا غرارة خدوع معطية منوع ملبسة نزوع لا يدوم رخاءها ولا ينقضي