فصل وأما علي بن أبي طالب عليه السلام فمن براهينه ما ساوى به نبيين - عيسى ويحيى عليهما السلام - فقال تعالى في عيسى: ﴿ويكلم الناس في المهد﴾ (١) وخرق العادة، باكمال عقله.
وقال في يحيى: ﴿وآتيناه الحكم صبيا﴾ (2).
وكان من آيات الله الخارقة للعادة في علي عليه السلام كمال عقله، ووفور علمه، ومعرفته بالله تعالى وبرسوله مع عداده في (3) الأطفال حتى دعاه النبي صلى الله عليه وآله إلى التصديق به، والاقرار بنبوته، وكلفه العلم بحقه، وعهد إليه في الاستتار (4) بما أودعه من دينه، وأداء الأمانة فيه، وكلفه العلم والعمل الشرعيين، وكان إذ ذاك من أبناء عشر (5) فما دونها.
فكان كمال عقله (6) وحصول معرفته بالله وبرسوله آية لله فيه باهرة، خرق بها العادة، ودل بها على مكانته منه، واختصاصه به وتأهيله لما رشحه (7) له من الإمامة، والحجة على الخلق،، فجرى (8) في خرق العادة مجرى عيسى ويحيى عليهما السلام.
ولولا أنه كان كاملا في تلك (9) الحال لما كلفه رسول الله صلى الله عليه وآله الاقرار بنبوته، ولا دعاه إلى الاقرار (10) بحقه، ولا افتتح به الدعوة قبل جميع الرجال.
وأما زهده وعلمه وحلمه وشجاعته، فقد أقر أعداؤه بذلك، وقد علمه رسول الله صلى الله عليه وآله جميع ما علمه الله تعالى مما كان ومما يكون.