وأما شجاعته ففرسان الجاهلية كعامر بن الطفيل (1) وعتبة (2) بن الحارث بن شهاب صياد الفوارس، وبسطام بن قيس، كان لكل منهم فر (3)، وما انحاز صلى الله عليه وآله قط من شجعان وإن أحاطوا به، وكان ضربه للأعداء ولو برأس سوطه نارا محرقة.
وكان أشد الناس زهدا، يلبس العباءة، ويجالس المساكين، ويتوسد يده ويلطع أصابعه، ولا يأكل متكئا، بل يجلس جلسة العبد، ولم ير ضاحكا ملء فمه.
وكان أرحم الناس بالصبيان، وأشد حياء من عذراء في خدرها،، ولا يأنف ولا يستكبر، وما سئل شئ قط، فقال: " لا ".
وكان يقضي حوائج الأرملة، واليتيم، والمسكين، يحسن الحسن ويصوبه ويقبح القبيح ويوهنه، لا يأكل وحده، ولا يضرب عبده، يأكل العبد معه، ويطحن عنه إذا أعيا، يحلب الشاة بيده، ويعلف الناضج (4)، ويقم (5) البيت، ويخصف النعل، ويرقع، الثوب.
وهذه قصيرة من طويلة من أخلاقه الخارقة للعادة، فإنها كانت أبدا على وتيرة واحدة لا تتغير.