فلما انتبها حملهما على منكبيه، ثم أتيت أنا فاطمة، فوقفت بالباب، فأتت حمامة وقالت: يا أخا كندة! فقلت: من أعلمك أني بالباب؟
قال: أخبرتني سيدتي أن رجلا بالباب من كندة، من أطيبها أخبارا، يسألني عن موضع قرة عيني.
فكبر ذلك عندي، فوليتها ظهري كما كنت أفعل حين أدخل على رسول الله في منزل أم سلمة، فقلت لفاطمة: [ما] منزلة الحسين؟
قالت: إنه لما ولدت (1) الحسن أمرني أبي أن لا ألبس ثوبا أجد فيه اللذة حتى أفطمه، فأتاني أبي زائرا، فنظر إلى الحسن [وهو] يمص النوى (2) قال: فطمتيه؟
قلت: نعم. قال: إذا أحب علي الاشتمال، فلا تمنعيه، فاني أرى في مقدم وجهك ضوءا ونورا، وذلك أن ستلدين حجة لهذا الخلق، وحجة على ذا الخلق.
فلما أن تم الشهر من حملي، وجدت في بطني سخنة (3) فقلت لأبي ذلك.
فدعا بتور (4) من ماء، فتكلم عليه، وتفل فيه، وقال: اشربي.
فشربت، فطرد الله عني ما كنت أجد، وصرت في الأربعين من الأيام، فوجدت دبيبا في ظهري كدبيب النمل بين الجلدة والثوب.
فلم أزل على ذلك حتى تم الشهر [الثاني] (5) فوجدت الاضطراب والحركة فوالله لقد تحرك في بطني وأنا بعيدة عن المطعم والمشرب (6) فعصمني الله عنهما