فلما أحست وطأ (1) النبي صلى الله عليه وآله قامت فنظرت - وكانت أعلى من النخلة، وأضخم من البكر (2) - متبصبصة (3) تخرج من أفواهها (4) النار، فهالني ذلك.
فلما رأت رسول الله صلى الله عليه وآله صارت كأنها خيط (5) فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: لا تدري ما تقول يا أخا كندة؟ قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: تقول: الحمد الله الذي لم يمتني حتى جعلني حارسا لابني رسول الله.
فجرت في الرمل رمل الشعاب (6) فنظرت إلى شجرة، وأنا أعرف ذلك الموضع ما رأيت فيه شجرة قط قبل يومي، ولا رأيتها، وقد أتيتها (7) بعد ذلك اليوم أطلب الشجرة فلم أجدها.
وكانت الشجرة أظللتهما بورق، وجلس النبي صلى الله عليه وآله بينهما فبدأ بالحسن (8) فوضع رأسه على فخذه الأيمن، ثم بالحسين، فوضع رأسه على فخذه الأيسر، ثم جعل يرخي لسانه في فم الحسين، فانتبه الحسين فقال: يا أبه (9).
ثم عاد في نومه، وانتبه الحسن فقال: يا أبه. وعاد في نومه.
فقلت: كأن الحسين أكبر؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن للحسين في بواطن المؤمنين معرفة مكتومة، سل أمه عنه.