وما ولى قط عن أحد مع طول ملاقاته الحروب وكثرة من مني به فيها (1) من صناديد الأعداء، ولم يفلت منه قرن (2) في الحروب.
وكان من أعجوبة أفرده الله تعالى بها، أنه لم يعهد (3) لاحد من مبارزة الابطال مثل ما عرف له من كثرة ذلك (فإنهم ما عروة بشر) (4) ولا شين، ولا وصل إليه أحد منهم بسوء حتى كان من (5) أمره مع ابن ملجم - عليه اللعنة - في المحراب على اغتياله إياه ما كان، وهذه آيات خارقة للعادات.
ولما قبض عليه السلام خطب ابنه الحسن عليه السلام فقال:
" لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل (6) ولا يدركه الآخرون بعمل، لقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله يقيه بنفسه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يوجهه برايته، فيكتنفه جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله على يديه ". (7) ولقد ولد في بيت الله الحرام، ولم يولد فيه أحد [غيره] قط.
ولقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم عليه السلام، وفيها قبض يوشع ابن نون وصي موسى عليه السلام، وما خلف صفراء ولا بيضاء، ولا يزل ينشر معالم الدين من السنة والقرآن، ويحكم بالعدل، ويأمر بالاحسان.