ومد الرضا عليه السلام الرداء عليهما، فتناجيا طويلا بما لم أعلمه.
ثم امتد الرضا عليه السلام على المقعد، وغطاه محمد بالرداء، وصار إلى وسط الدار.
فقال: يا أبا الصلت. قلت: لبيك يا ابن رسول الله.
قال: أعظم الله أجرك في الرضا فقد مضى.
فبكيت، قال: لا تبك، هات المغتسل والماء لنأخذ في جهازه.
فقلت: يا مولاي الماء حاضر، ولكن ليس في الدار مغتسل إلا أن يحضر من خارج الدار فقال: بل (1) هو في الخزانة.
فدخلتها فوجدت فيها مغتسلا لم أره قبل ذلك، فأتيته به وبالماء.
ثم قال: تعال حتى نحمل الرضا عليه السلام. فحملناه على المغتسل.
ثم قال: اغرب (2) عني. فغسله هو وحده، ثم قال: هات أكفانه والحنوط.
قلت: لم نعد له كفنا! فقال: ذلك في الخزانة.
فدخلتها فرأيت في وسطها أكفانا وحنوطا لم أره قبل ذلك، فأتيته به فكفنه وحنطه.
ثم قال لي: هات التابوت من الخزانة. فاستحييت منه أن أقول: ما عندنا تابوت.
فدخلت الخزانة فوجدت فيها تابوتا لم أره قبل ذلك، فأتيته به فجعله فيه.
فقال: تعال حتى نصلي عليه. وصلى بي، وغربت الشمس، وكان وقت صلاة المغرب، فصلى بي المغرب والعشاء، وجلسنا نتحدث، فانفتح السقف ورفع التابوت.
فقلت: يا مولاي ليطالبني المأمون به فما تكون حيلتي؟
قال: لا عليك، فإنه سيعود إلى موضعه، فما من نبي يموت في مغرب الأرض ولا يموت وصي من أوصيائه في مشرقها، إلا جمع الله بينهما قبل أن يدفن.
فلما مضى من الليل نصفه أو أكثر إذا التابوت قد رجع من السقف حتى استقر مكانه.
فلما صلينا الفجر قال لي: افتح باب الدار، فان هذا الطاغية يجيئك الساعة