فقال: ما أقول في إمام شهدت أمة محمد قاطبة بأنه كان أعلم أهل زمانه!
قال: فما تقول في موسى بن جعفر؟ قال: كان مثله.
قال: فان الناس قد تحيروا في أمره.
قال: إن موسى بن جعفر عمر برهة من دهره (1) فكان يكلم الأنباط بلسانهم، ويكلم أهل خراسان بالدرية، وأهل الروم (2) بالرومية، ويكلم العجم بألسنتهم، وكان يرد عليه من الآفاق علماء اليهود والنصارى، فيحاجهم بكتبهم وألسنتهم.
فلما نفذت (3) مدته، وكان وقت وفاته أتاني مولى برسالته يقول: يا بني إن الأجل قد نفذ، والمدة قد انقضت، وأنت وصي أبيك، فان رسول الله صلى الله عليه وآله لما كان وقت وفاته دعا عليا وأوصاه، ودفع إليه الصحيفة التي كان فيها الأسماء التي خص الله بها الأنبياء والأوصياء، ثم قال: يا علي ادن مني. [فدنا منه] فغطى رسول الله صلى الله عليه وآله رأس علي عليه السلام بملاءته، ثم قال له: أخرج لسانك. فأخرجه فختمه بخاتمه، ثم قال: يا علي اجعل لساني في فيك فمصه (4)، وابلع كل ما تجد في فيك.
ففعل علي ذلك، فقال له: إن الله فهمك ما فهمني، وبصرك ما بصرني و أعطاك من العلم ما أعطاني، إلا النبوة، فإنه لا نبي بعدي، ثم كذلك إماما بعد إمام.
فلما مضى موسى علمت كل لسان وكل كتاب [وما كان وما سيكون بغير تعلم، وهذا سر الأنبياء أودعه الله فيهم، والأنبياء أودعوه إلى أوصيائهم، ومن لم يعرف ذلك ويحققه، فليس هو على شئ، ولا قوة إلا بالله]. (5)