صغار، فإذا رأيتها ففتت لها كسرة (1)، فإذا أكلتها خرجت حوتة كبيرة، فابتلعت تلك السميكات كلها ثم تغيب.
فإذا غابت فضع يدك على الماء، وأعد الكلمات، فان الماء ينضب كله وسل المأمون عني أن يحضر وقت الحفر، فإنه سيفعل ليشاهد هذا كله.
ثم قال عليه السلام: الساعة يجئ رسوله فاتبعني، فان قمت من عنده مكشوف الرأس فكلمني بما تشاء. وإن قمت من عنده مغطى الرأس فلا تكلمني بشئ.
قال: فوافاه رسول المأمون، فلبس الرضا عليه السلام ثيابه وخرج وتبعته، فلما دخل إلى المأمون وثب إليه، فقبل بين عينيه، وأجلسه معه على مقعده، وبين يديه طبق صغير، فيه عنب، فأخذا عنقودا قد أكل نصفه ونصفه باق - وقد كان شربه بالسم - وقال للرضا عليه السلام: حمل إلي هذا العنقود، فاستطبته، فأكلت منه، وتنغصت (2) به أن لا تأكل منه، فأسألك أن تأكل منه.
قال: أو تعفيني من ذلك؟ قال: لا والله، فإنك تسرني بما تأكل منه.
قال: فاستعفاه ثلاث مرات، وهو يسأله بمحمد وعلي أن يأكل منه.
فأخذ منه ثلاث حبات فأكلها وغطى رأسه ونهض من عنده.
فتبعته ولم أكلمه بشئ حتى دخل منزله، فأشار إلي أن أغلق الباب، فأغلقته وصار إلى مقعد له، فنام عليه، وصرت أنا في وسط الدار، فإذا غلام عليه وفرة (3) ظننته ابن الرضا عليه السلام ولم أكن قد رأيته قبل ذلك، فقلت: يا سيدي الباب مغلق، فمن أين دخلت؟
فقال: لا تسأل عما لا تحتاج إليه. وقصد إلى الرضا عليه السلام.
فلما بصر به الرضا عليه السلام وثب إليه، وضمه إلى صدره، وجلسا جميعا على المقعد