لا تفرقوا (1) فاني إنما جمعتكم لتسألوني (2) عما شئتم من آثار النبوة وعلامات الإمامة التي لا تجدونها إلا عندنا أهل البيت، فهلموا مسائلكم.
فابتدر (3) عمرو بن هذاب فقال: إن محمد بن الفضل الهاشمي ذكر عنك أشياء لا تقبلها القلوب. فقال الرضا عليه السلام: وما تلك؟
قال: أخبرنا عنك أنك تعرف كل ما أنزله الله، وأنك تعرف كل لسان ولغة!
فقال الرضا عليه السلام: صدق محمد بن الفضل فأنا أخبرته بذلك فهلموا فاسألوا.
قال: فانا نختبرك قبل كل شئ بالألسن واللغات، وهذا رومي، وهذا هندي (4) و [هذا] فارسي، و [هذا] تركي. فأحضرناهم.
فقال عليه السلام فليتكلموا بما أحبوا، أجب كل واحد منهم بلسانه إن شاء الله.
فسأل كل واحد منهم مسألة بلسانه ولغته، فأجابهم عما سألوا بألسنتهم ولغاتهم فتحير الناس وتعجبوا، وأقروا جميعا بأنه أفصح منهم بلغاتهم.
ثم نظر الرضا عليه السلام إلى ابن هذاب فقال: إن أنا أخبرتك أنك ستبتلى في هذه الأيام بدم ذي رحم لك أكنت مصدقا لي؟ قال: لا، فإن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى.
قال عليه السلام: أوليس الله يقول: * (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) * (5) فرسول الله عند الله مرتضى، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وإن الذي أخبرتك [به] يا بن هذاب لكائن إلى خمسة أيام، فإن لم يصح ما قلت لك في هذه المدة فاني (6) كذاب مفتر، وإن صح فتعلم أنك الراد علي الله وعلى رسوله.
ولك دلالة أخرى: أما إنك ستصاب ببصرك، وتصير مكفوفا، فلا تبصر سهلا ولا