فانتهى إلي وقد قام جملي وبرك في الطريق، وتخلفت عن الناس بسبب ذلك، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله عن راحلته فأخذ من الإداوة ماء في فمه، ثم رشه على الجمل، صاح به، فنهض كأنه ظبي، فقال لي: اركبه وسر عليه.
فركبته وسرت مع رسول الله صلى الله عليه وآله فوالله ما كانت ناقة رسول الله العضباء تفوته.
فقال لي صلى الله عليه وآله: يا عمار تبيعني الجمل؟ قلت: هو لك يا رسول الله.
قال صلى الله عليه وآله: لا إلا بثمن. قلت: تعطي من الثمن ما شئت.
قال صلى الله عليه وآله: مائة درهم. قلت: قد بعتك.
قال صلى الله عليه وآله: ولك ظهره إلى المدينة.
فلما رجعنا ونزلنا المدينة حططت عنه رحلي، وأخذت بزمامه، فقدمته إلى باب دار رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: وفيت يا عمار. فقلت: الواجب هذا يا رسول الله.
فقال صلى الله عليه وآله: يا أنس ادفع إلى عمار مائة درهم ثمن الجمل، ورد عليه الجمل هدية منا إليه لينتفع به. (1) 248 - قال جابر: وكنا يوما جلوسا حوله صلى الله عليه وآله في مسجده فأخذ كفا من حصي المسجد فنطقت الحصيات كلها في يده بالتسبيح، ثم قذف بها إلى موضعها في المسجد. (2) 249 - ومنها: أنه لما سار إلى خيبر أخذ أبو بكر الراية إلى باب الحصن فحاربهم فحملت اليهود فرجع منهزما يجبن أصحابه ويجبنونه.
ولما كان من الغد أخذ عمر الراية وخرج، ثم رجع يجبن الناس (3).
فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: ما بال أقوام يرجعون منهزمين يجبنون أصحابهم؟!
أما لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه.