فقال العباس: هذا أبو سفيان صار معي إليك فتؤمنه بسببي.
فقال صلى الله عليه وآله: أسلم تسلم يا أبا سفيان. فقال: يا أبا القاسم ما أكرمك وأحلمك.
قال صلى الله عليه وآله: أسلم تسلم. قال: ما أكرمك [وأحلمك].
قال صلى الله عليه وآله: أسلم تسلم. فوكزه العباس: ويلك إن قالها الرابعة ولم تسلم قتلك، فقال صلى الله عليه وآله: خذه يا عم إلى خيمتك. وكانت قريبة، فلما جلس في الخيمة ندم على مجيئه مع العباس، وقال في نفسه: من فعل بنفسه مثل ما فعلت أنا؟ جئت فأعطيت بيدي ولو كنت انصرفت إلى مكة فجمعت الأحابيش (1) وغيرهم فلعلي كنت أهزمه.
فناداه رسول الله صلى الله عليه وآله من خيمته فقال: " إذا كان الله يخزيك " فجاء العباس فقال: يريد أبو سفيان أن يجيئك يا رسول الله. قال صلى الله عليه وآله: هاته.
فلما دخل قال صلى الله عليه وآله: ألم يأن [لك] أن تسلم؟
فقال له العباس: قل، وإلا فيقتلك. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله فضحك صلى الله عليه وآله فقال: رده إلى عندك. فقال العباس: إن أبا سفيان يحب الشرف فشرفه.
قال صلى الله عليه وآله: " من دخل داره فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ".
فلما صلى بالناس الغداة قال للعباس: خذه إلى رأس العقبة فأقعده هناك لتراه جنود الله، ويراها.
فقال أبو سفيان: ما أعظم ملك ابن أخيك؟! قال العباس: إنما هي النبوة. قال: نعم.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تقدم إلى مكة فأعلمهم بالأمان.
فلما دخلها قالت هند: اقتلوا هذا الشيخ الضال.
ودخل النبي صلى الله عليه وآله مكة، وكان وقت الظهر، فأمر بلالا، فصعد على ظهر الكعبة فأذن، فما بقي صنم بمكة إلا سقط على وجهه، فلما سمع وجوه قريش الاذان قال