فقال له المتوكل: سألتك إلا جلست ورددته. فقال: " والله لا تراه بعدها، أتسلط أعداء الله على أولياء الله؟! (1). وخرج من عنده، فلم ير الرجل بعد ذلك (2).
498 / 16 - عن أبي العباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب، قال: كنا مع المعتز، وكان أبي كاتبه، فدخلنا الدار والمتوكل على سريره قاعد، فسلم المعتز ووقف ووقف خلفه، وكان عهدي به إذا دخل عليه رحب به وأمره بالقعود ونظرت إلى وجهه يتغير ساعة بعد ساعة، ويقبل على الفتح بن خاقان ويقول: هذا الذي يقول فيه ما يقول. ويرد عليه القول، والفتح مقبل عليه يسكنه ويقول: مكذوب عليه يا أمير المؤمنين. وهو يتلظى ويقول: والله لأقتلن هذا المرائي الزنديق، وهو الذي يدعي الكذب، ويطعن في دولتي.
ثم قال: جئني بأربعة من الخزر وأجلاف لا يفقهون. فجئ بهم، ودفع إليهم أربعة أسياف، وأمرهم أن يرطنوا بألسنتهم إذا دخل أبو الحسن، وأن يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه ويقتلوه، وهو يقول:
والله لأحرقنه بعد القتل. وأنا منتصب قائم خلفه من وراء الستر، فما علمت إلا بأبي الحسن عليه السلام قد دخل، وقد بادر الناس قدامه فقالوا: جاء والتفت ورائي وهو غير مكترث (1) ولا جازع، فلما بصر به المتوكل رمى بنفسه من السرير إليه وهو بسيفه فانكب عليه يقبل بين عينيه، واحتمل يده بيده، وهو يقول: يا سيدي، يا ابن رسول الله، ويا خير خلق الله، يا ابن عمي، يا مولاي، يا أبا الحسن. وأبو الحسن يقول: " أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا ". فقال: ما جاء بك يا