علومه، حكمه، كشفه عن الغيوب الماضية وأخبار الأمم السالفة وسير الأنبياء، وإخباره عن الحوادث الآتية والغيب، وامتاز ببقائه وخلوده، خاصة وأن سائر معجزات الأنبياء كانت وقتية ذهبت في حينها، ولم يشاهدها إلا من عاصرها وحضرها، لذا فهو دليل على صدق أولئك الرسل والأنبياء، إذ هو مصدق لهم، ومخبر عن حالهم.
وقد وصلتنا أخبار وأحاديث هي أكثر من أن تحصى، وأوسع من أن تحوى، دخل جلها حد الاشتهار، إذ جاءت مروية بطرق وأوجه كثيرة، وبأسانيد صحيحه مصححة، تحكي جميعها معجزات ودلائل النبي والأئمة من أهل بيته صلوات الله عليه وعليهم أجمعين، باينوا بها من سواهم، وسموا بها على سائر الأنبياء والأوصياء المتقدمين.
فكانوا يرون أصحابهم ومواليهم ومخالفيهم خوارق العادات، ويخبرونهم بما في سرائرهم وقلوبهم من الحاجات والإرادات، وبما كانوا يفعلونه في خلواتهم، كان جلها ظاهرا " لجماعة من الناس، شاهدوه بأنفسهم في أوقات كثيرة، وتناقلوه في مجالسهم، كتظليل الغمامة على رأس الرسول صلى الله عليه وآله قبل البعثة وبعدها، وانشقاق القمر، ورد الشمس، وتسبيح الحصى، وحنين الجذع، وتلاوة رأس الحسين عليه السلام آيات من القرآن بعد ذبحه، وغير ذلك مما يعد خرقا " للعادة، وملحقا " بالأعلام والدلائل الباهرة الدالة على أنهم الحجة العظمى على الخلق.
قال الشيخ أبو عبد الله المفيد في أوائل المقالات: " فأما ظهور المعجزات على الأئمة والاعلام - أي العلامات - فإنه من الممكن الذي ليس بواجب عقلا "، ولا ممتنع قياسا "، وقد جاءت بكونها منهم عليهم السلام الاخبار على التظاهر والانتشار، وقطعت عليها من جهة السمع