قليلا، فإذا أنا بمكة، فطاف بالبيت فطفت معه، ثم خرج فمشى قليلا "، فإذا أنا بالموضع الذي كنت أ عبد الله فيه بالشام، وغاب الشخص عن عيني، فبقيت متعجبا " متهولا " مما رأيت.
فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص فاستبشرت به، ودعاني فأجبته، ففعل كما فعل في العام الماضي، فلما أراد مفارقتي بالشام قلت له: سألتك بالذي أقدرك على ما رأيت منك إلا أخبرتني من أنت؟ فأطرق طويلا " ثم نظر إلي وقال: " أنا محمد بن علي بن موسى ".
وتراقي الخبر إلى محمد بن عبد الملك الزيات فبعث إلي وكبلني في الحديد، وحملني إلى العراق وحبست كما ترى وادعى علي المحال، فقلت له: فارفع قصتك إلى محمد بن عبد الملك؟ فقال:
إفعل.
فكتبت عنه قصة شرحت أمره فيها، ورفعتها إلى محمد بن عبد الملك فوقع في ظهرها: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومنها إلى مكة ومنها إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا.
قال علي بن خالد: فغمني ذلك من أمره، ورققت له، وانصرفت محزونا " عليه، فلما كان من الغد باكرت الحبس لأعلمه بالحال وآمره بالصبر والرضى فوجدت الجند وأصحاب الحرس وصاحب السجن وخلقا " عظيما " من الناس يهرعون، فسألت عن حالهم فقيل لي:
المحمول من الشام المتنبئ افتقد البارحة فلا يدرى أخسفت به الأرض، أم اختطفه الطير.
وكان علي بن خالد زيديا " فقال بالإمامة لما رأى ذلك وحسن اعتقاده.