فقال: يا أماه والله إني لمقتول، وإني لا أفر من القدر والمقدور، والقضاء المحتوم، والامر الواجب من الله تعالى.
فقالت: وا عجباه، فأين تذهب وأنت مقتول؟
فقال: يا أمه، إن (1) لم أذهب اليوم ذهبت غدا، وإن لم أذهب غدا لذهبت بعد غد، وما من الموت - والله يا أمه - بد، وإني لأعرف اليوم والموضع الذي أقتل فيه، والساعة التي أقتل فيها، والحفرة التي أدفن فيها، كما أعرفك، وأنظر إليها كما أنظر إليك.
قالت: قد رأيتها؟! قال: إن أحببت أن أريك مضجعي ومكاني ومكان أصحابي فعلت. فقالت: قد شئتها.
فما زاد ان تكلم بسم الله، فخفضت له الأرض حتى أراها مضجعه، ومكانه ومكان أصحابه، وأعطاها من تلك التربة، فخلطتها مع التربة التي كانت عندها، ثم خرج الحسين صلوات الله عليه، وقد قال لها: إني مقتول يوم عاشوراء.
فلما كانت تلك الليلة التي صبيحتها قتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما فيها أتاها رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام أشعث باكيا مغبرا "، فقالت: يا رسول الله، مالي أراك باكيا مغبرا " أشعث؟! فقال: دفنت ابني الحسين عليه السلام وأصحابه الساعة.
فانتبهت أم سلمة رضي الله عنها فصرخت بأعلى صوتها، فقالت: وا ابناه. فاجتمع أهل المدينة وقالوا لها: ما الذي دهاك؟
فقالت: قتل ابني الحسين بن علي صلوات الله عليهما. فقالوا لها: وما علمك [بذلك]؟
قالت: أتاني في المنام رسول الله صلوات الله عليه باكيا أشعث