كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٦
وهو ان الماضي قد كان مستقبلا فلو استحال ان يصير المستقبل ماضيا لاستحال في الماضي لأنه قد كان مستقبلا (مسألة أخرى) عليهم يقال لهم أيجوز ان تدور الشمس في المستقبل دورات بعد الدورات الماضية أم لا يجوز ذلك فإن قالوا غير جائز قيل لهم لم زعمتم ذلك وعندكم انها تدور في المستقبل دورات لا نهاية لعددها فليس في ذلك ما يفي بما قد مضى فإن قالوا لا يفي به جعلوا الماضي أكثر من المستقبل وأوجبوا تناهى المستقبل وان قالوا إن الشمس ستدور دورات يفي عددها بما مضى أوجبوا تناهى ما مضى وقيل لهم أفيبقى من المستقبل بعد ذلك بقية فإن قالوا لا أقروا بوجود الأول و الأخر وأوجبوا تناهى الزمان من طرفيه وجعلوا لدورات الشمس بداية ونهاية وهو خلاف ما ذهبوا إليه وان قالوا إنه ستدور دورات يفي بما مضى ويبقى من المستقبل ما لا نهاية له أيضا لم يبق شبهة في تناهى الماضي وصح أوله وبطل مذهبهم في قدمه والحمد لله (دليل آخر) على أن للأفعال الماضية أولا فما يدل على ذلك أنه قد ثبت ان كل واحد منها محدث كائن بعد ان لم يكن ولها محدث متقدم عليها فوجب ان يكون جميعهما محدثة كائنة بعد ان لم يكن ولها محدث متقدم عليها لأن جميعها هو مجتمع آحادها ولا يصح ان يختلف في الجمع والتفرقة هذا الحكم فيهما كما أن كل واحد من الزنج بانفراده اسود فا الجميع باجتماعهم سود والحكم في ذلك واحد في الجمع والتفريق وقد اجتمع معنا على أن جميعها أفعال الفاعل وصنعة الصانع والعقول تشهد بوجوب تقدم الفاعل على أفعاله وسبق الصانع لصنعته وليس يخالف في ذلك إلا مكابر لعقله بسم الله الرحمن الرحيم واعلم أن الملحدة لما لم تجد حيلة تدفع بها وجوب تقدم الصانع على الصنعة قالت إنه متقدم عليها تقدم رتبته لا تقدم زمان فيجب ان نطالبهم بمعنى تقدم الرتبة ليوضحوه فيكون الكلام بحسبه وقد سمعنا قوما منهم يقولون إن معنى ذلك أنه الفعال فيها والمدبر لها فسألناهم هل يدافع عنها حقيقة الحدث فعادوا إلى الكلام الأول من أن كل واحد من اجزاء الصنعة محدث فأعدنا عليهم ما سلف حتى لزمهم الاقرار بحدوث الكل وطالبناهم بحقيقة المحدث والقديم فلم يجدوا مهربا من التقدم والقديم في الوجود على المحدث التقدم المفهوم المعلوم الذي يكون أحدهما موجودا والاخر معدوما ولسنا نقول إن هذا التقدم موجب الزمان لان الزمان
(٦)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»